السبت 20 إبريل 2024
سياسة

صفقة 56 مليار دولار .. تذكرة ولوج الجزائر إلى اللوبي الأمريكي

صفقة 56 مليار دولار .. تذكرة  ولوج الجزائر  إلى اللوبي الأمريكي عبد المومن ولد قدور، و ساندرا أو دكيرك
في يناير2016، لما نجح معسكر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في حل جهاز المخابرات العسكرية (Département du renseignement et de sécurité) المعروف اختصارا بـ «DRS»، وجه المراقبون كشافات الضوء نحو ملف الصحراء، ليس لأن عسكر الجزائر يجعل من قضية الصحراء، قضية وجود بالنسبة له فحسب، بل لكون الحسم في الصراع حول من يتحكم في المخابرات العسكرية بالجزائر يقود حتما إلى معرفة من يتحكم في الموارد المالية المعبأة لصالح التشويش على المغرب دوليا. ففي هذا التاريخ وقع تحول في إدارة حكام الجزائر لحرب الاستنزاف ضد المغرب، حيث ما أن أحكم بوتفليقة القبضة على جهاز المخابرات العسكرية حتى تحكم في شركة «صوناطراك» (الرئة المالية الوحيدة للجزائر) عبر السماح أولا بعودة وزير الطاقة السابق الهارب شكيب خليل (صديق بوتفليقة) الذي أزيح من السلطة عام 2010 بعد أن كان ملاحقا بفضائح فساد كبيرة (ثم العفو عنه وعاد إلى الجزائر في مارس 2016)، ثم ثانيا بإزاحة أمين معزوزي من هرم شركة «صوناطراك» وتعيين أحد أصدقاء بوتفليقة كذلك على رأس هذه الشركة القوية في شخص عبد المومن ولد قدور.
الإتيان بولد قدور في مارس2017، لم يكن بمحض الصدفة، أو لأنه مهندس فقط، بل لكونه من معتنقي «الديانة الأمريكية» (درس في أمريكا وترأس شركة كبيرة ذات رأسمال جزائري أمريكي BRC) ويملك مفاتيح تسمح بفتح أبواب اللوبيات الأمريكية سواء في الإدارة أو في المنظمات غير الحكومية للترويج للطرح الجزائري (انظر الصفحة 7 حول دور شكيب خليل واللوبي الأمريكي).
فرغم تورط ولد قدور (رفقة شكيب خليل) في فضائح مالية فظيعة، ورغم أنهما كانا ملاحقين قضائيا بالسجن، فإن حاجة قصر المرادية إلى ناطق باسم المصالح الجزائرية في الإدارة الأمريكية أدى إلى التغاضي عن تلك الفضائح، تم طي ملف الملاحقة القضائية، بدليل أن المعارضة الجزائرية ربطت بين طي ملف فضائح شكيب خليل وولد قدور وإرجاعهما إلى المربع الذهبي بقصر المرادية بالزيارة السرية الخاطفة التي قام بها ديك شيني في فبراير2017 (نائب الرئيس الأسبق لأمريكا بوصفه ممثلا للوبي النفط الأمريكي) قبيل تعيين ولد قدور على رأس صوناطراك، وهي الزيارة التي أكدت أن صفقة ما تم إبرامها بين الماسكين بالسلطة بالجزائر وواشنطن مفادها تعبيد الطريق أمام الشركات الأمريكية لانتزاع صفقات ضخمة في قطاع النفط والطاقة وفي قطاعات أخرى استراتيجية. خاصة وأن شكيب خليل، الصديق الحميم لبوتفليقة، كان من الداعين الأقوياء إلى وجوب إخراج الجزائر من نفوذ الأورو وإدخالها إلى دائرة الدولار تحت الحماية الأمريكية. ولن يتحقق ذلك إلا بفتح شهية الشركات الأمريكية لتكتسح السوق الجزائري ومنحها الصفقات المهمة. من قبيل شركة أناداركو «ANADARKO وهي شركة أمريكية تعد أول منتج خاص للنفط بالجزائر، وأيضا شركة «هاليبيرتون» HALLIBURTON وهي من كبريات الشركات الأمريكية في المجال الطاقي التي تشتغل في حاسي مسعود وحاسي رمل وأورهود وعين أميناس. ثم هناك شركة «جنيرال إلكتريك» GE)) التي تربطها عقود ضخمة مع صوناطراك، فضلا عن شركة «فاريان ميديكل سيستم» VMS)) الرائد العالمي في القطاع الصحي، حيث فتحت لها أبواب وزارة الصحة كلها، هذا دون أن ننسى الشركة الأمريكية بلومبورغBlumberg GRAIN إحدى أقوى الشركات العالمية في مجال الصناعة الغذائية التي فتحت معها الجزائر صفقة بناء مخازن كبرى بملايين الدولارات.
وفي يناير 2018 احتضنت هوستون الأمريكية منتدى جزائريا أمريكيا حول الاستثمار، وحضرته نائبة كاتب الدولة المساعد «ساندرا أو دكيرك»، قدم فيه ولد قدور صفقة في طبق من ذهب للأمريكان بقيمة 56 مليار دولار ستمولها كل من «صوناطراك» و"سونلغاز" على مدى الخمسة أعوام المقبلة، وقال ولد قدور، الابن المدلل لمحيط بوتفليقة، لممثلي الشركات الأمريكية الحاضرة: «هذا إعلان هام لكم ولكل من يود الاستثمار في الجزائر».
لكن على الطرف الآخر، كانت خطبة ولد قدور بمثابة «إعلان حرب ضد المغرب وتذكرة دخول الجزائر في قلب صنع القرار الأمريكي»!