Sunday 18 May 2025
خارج الحدود

بعد خسارته موقعين استراتيجيين: أين ذهبت فلول " سيدنا" أبوبكر البغدادي؟

بعد خسارته موقعين استراتيجيين: أين ذهبت فلول " سيدنا" أبوبكر البغدادي؟

في وقت متزامن، تم في اليومين الأخيرين بدء اندحار كبير لجماعات "داعش" من سرت الليبية، وطردهم نهائيا من منبج السورية، وفيما تتابع الجهات الحكومية المعنية في المنطقتين ابتهاجها بهذا الانتصار الجزئي، لكن الاستراتيجي، على الإرهاب يظل السؤال الأساسي: إلى أين تذهب تلك الفلول بعد هزيمتها المؤقتة؟
التقارير المنقولة من "منبج" تفيد أن الدواعش قد انسحبوا باتجاه مدينة جرابلس الرابضة على الحدود السورية التركية بعد أن فتحت لها "قوات سوريا الديموقراطية" المدعومة بالتحالف الدولي بقيادة الأمريكيين ممرا للهروب، ومعناه أن الخطر الإرهابي لا يزال قائما هناك. أما الهاربون من سرت فلم تنقل التقارير سوى احتمال أن تلوذ تلك الفلول بالبحر باتجاه الشمال الأوربي، ولذلك رفعت القيادة العامة لمراقبة السواحل الإيطالية حالة التأهب الأمني بعد أن حذر رئيس اللجنة البرلمانية للرقابة على أجهزة الاستخبارات الإيطالية، أمس السبت، من تعاظم خطر وصول "داعش" إلى إيطاليا عبر البحر، مؤكدا أن "الوضع الراهن ينذر بتعاظم خطر وصول مسلحين عن طريق البحر إلى إيطاليا وأوروبا وفق معطيات استخباراتية". ومع ذلك لم نسمع أي رد فعل من الجوار الإقليمي المرتبط بمجالنا الحيوي.
إن المؤكد أن "داعش" قد خسرت اليوم موقعين استراتيجيين في بنائها لدولة الخلافة المزعومة، ولذلك لا نتصور أن التنظيم سينتهي بانتهاء معركة سرت ومنبج، ولذلك ستبحث عن مواقع أخرى في الجوار، أو على الأقل ستتحول "إلى مجرد مجموعات مشتتة تفرق بينها الجغرافيا، وتجمعها أيديولوجية التشدد لتحاول شن هجومات منفردة متى ما سنحت لها الفرص بذلك" كما ذهب إلى بعض المحللين. من هنا فكل هذه التطورات تعنينا جميعا بالنظر إلى الاحتمالات الأخرى المفتوحة، وضمنها إمكانية التسرب عبر الحدود التونسية والجزائرية. خاصة إذا استحضرنا العوامل الموضوعية المرتبطة بهشاشة الأوضاع في كل من تونس والجزائر، بعد تأكيد غياب أي تنسيق أمني واستخباراتي بين البلدان المغاربية. ومن ثم فهذا الاحتمال غير مستبعد، وهو ما يعني أن التحديات ترتفع في مواجهة المحيط، وضمنه المغرب الذي يبذل كل الجهد في مقاومة مثل هذه التهديدات، لكن هذا الجهد يظل ناقصا بعد تلكؤ الجزائريين في إسناد الجهد المغربي، تماما كما هو مسجل تلكؤهم في دعم التنسيق بين بلادنا والاتحاد الأوربي، وخصوصا إسبانيا التي تطالب الدوائر الجزائرية بالتعاون لمواجهة مخاطر الهجرة السرية وتهريب المخدرات ومحاربة ظاهرة الاتجار بالبشر...
السؤال الثاني المطروح: هل ينصت حكام الجزائر لمصلحة الشعوب المغاربية لمواجهة المخاطر القادمة من الشرق، ومن الجنوب الإفريقي؟ أم أنهم سيظلون متعنتون في إلغاء كل إمكانيات التنسيق المغاربي، مكتفين بالتغني بقوة الجيش وتاريخه العريق في مواجهة الإرهاب؟
اليد الواحدة مهما كانت صلابتها لا تصفق وحدها، والإرهاب يعرف كيف يكسر تلك اليد ليبحث عن منافذ له في كل الجهات. ولذلك فمسؤولية الجوار الإقليمي قائمة، وفي مقدمة ذلك الجزائر.