أيام قليلة بعد الانتخابات البرلمانية الإيطالية، التي احتلت قضايا الهجرة والمسلمين مكانا أساسيا في مختلف نقاشاتها، وأفرزت فوز أحزاب الوسط اليميني وحركة خمس نجوم الشعبوية، بمواقفهم الرافضة لمزيد من المهاجرين ومقترحاتهم بترحيل عدد من الأجانب إلى بلدانهم الأصلية، احتفت وسائل الإعلام الإيطالية مؤخرا بمهاجر مغربي شاب أصبح أيقونة نجاح في إيطاليا ونموذجا للعصامية والعزيمة على التفوق.
اسمه رشيد عبد المولى خديري، من مواليد 1987 بمدينة خريبكة المغربية، والتحق بإخوته في إيطاليا منذ عشرين سنة. ولأن الظروف لم تسعفه آن ذاك للحصول على عمل قار، بحث رشيد الخديري عن مورد رزق في مدينة طورينو، ليستقر به المقام في ساحة "بورطا بالاتزو" المعروفة وسط المدينة، كبائع متجول.
وحتى وإن تحول مع الوقت إلى واحد من أشهر الباعة المتجولين في الساحة، إلا أن طموح الشاب المغربي وأسرته كان أكبر من بيع قداحات السجائر وبعض التذكارات للسياح الوافدين على المدينة وطلبتها، فقرر استثمار دخله البسيط من نشاطه التجاري هذا في العلوم ومتابعة الدراسة في الجامعة.
طموح الشاب المغربي ومثابرته قاداه إلى واحدة من أعرق المدارس العلمية في إيطاليا، وهي المدرسة المتعددة التخصصات بطورينو التي تأسست سنة 1906. وهناك حصل رشيد الخديري على شهادة الإجازة سنة 2013 في شعبة الهندسة المدنية. ولأنه على قدر العزم تأتي العزائم، قطع الشاب المغربي وعدا على نفسه بمواصلة مساره العلمي بكل عزم ومثابرة، وبتمويل ذاتي ودعم عائلي.
يوم الثلاثاء 27 مارس 2018، وفي القاعة الكبرى للمدرسة المتعددة التخصصات بطورينو التي يضعها ترتيب "شنغهاي" لأفضل الجامعات العالمية بين الثلاثين الأوائل في العالم في مجال المعلوميات والتكنولوجيا، وأمام انظار أسرته الصغيرة وزملائه وثلة من الأساتذة وعدد من وسائل الإعلام الإيطالية، ناقش رشيد عبد المولى الخديري أطروحته حول "تأثيرات المواد الكربونية الدقيقة جدا على مكونات الإسمنت".
ليصبح "أشهر بائع ولاعات في المدينة"، كما وصفته صحيفة "لاريبوبليكا" الواسعة الانتشار، مهندسا مدنيا بميزة مشرفة جدا.
وأمام تصفيقات والدته التي قدمت من المغرب خصيصا، وإخوته الأربعة، قال رشيد الخديري "إنه يهدي هذا التتويج العلمي إلى عائلته وإلى مدينة طورينو التي تحبه، ويحبها منذ أزيد من عشرين سنة"، تقول جريدة "لا ستامبا".
(عن موقع "مجلس الجالية المغربية")