الساعة الإضافية غرينيتش+1، أقرتها الحكومة المغربية من الأسبوع الأخير من شهر مارس إلى الأسبوع الأخير من شهر شتنبر من كل سنة، وذلك بموازاة مع الدول الأوروبية، لتقليص فارق الزمن بين المغرب والشركاء الاقتصاديين في أوروبا وللتقليص من استهلاك الطاقة.
الحكومة تبنت التوقيت الصيفي خلال هذه المرحلة من السنة، مراعاة للمصالح الاقتصادية مع الشريك الأوروبي من الدرجة الأولى، لتشجيع استثمار الشركات الخاصة، والشركات المتعددة الجنسيات في القطاع الصناعي والخدماتي، ولا يمكن لنا إلا أن نشجع كل هاته التوجهات والقرارات التي تخدم مصالح البلد في جلب العملة الصعبة ودعم التشغيل.
لكن في قطاع التربية والتعليم فليس لهذا التوقيت أي إيجابيات تذكر، بل على النقيض من ذلك هناك العديد من المشاكل والآثار السلبية له على جودة التربية والتعليم والتكوين، وعلى نفسية التلميذ ونظامه الغذائي ومشاكل أخرى كالعنف والهدر المدرسي سببها التوقيت الصيفي.
كممارس بهذا القطاع، بمركز قروي، ومن خلال ملاحظاتي وحواراتي مع أحد رؤساء جمعيات الآباء بالمنطقة، وبعض سائقي سيارات النقل المدرسي وبعض الآباء، فإن خطورة الأمر تتعدى ما نعلمه من الآثار السلبية البيولوجية أو النفسية، حينما يتعلق الأمر بفتيات قرويات في مقتبل العمر 14/15 سنة، يغامرن كل صباح بالاستيقاظ فجرا للذهاب في وقت أقل ما يمكن القول عنه أنه يشكل خطورة أمنية على طفلة في هذا السن، ويساهم في تسربها من المدرسة إذا تعرضت للاغتصاب أو العنف، خصوصا في واقع قروي، تترصد فيه عيون وألسنة كثيرة، كل طفلة ووالديها أصروا على تحدي الظروف، لتحقيق حلم متابعة الدراسة والحصول على وظيفة تغير من واقع الأسرة وتكمم أفواه مغتالي الأمل.
كما أن أغلب التلاميذ وخصوصا تلاميذ العالم القروي، في الفترة الصباحية يأتون إلى المدرسة على معدة شبه فارغة بسبب ضيق الوقت، وبعد المدرسة، وغياب الشهية للأكل في وقت مبكر غير معتاد، أما في الفترة المسائية، فلا يختلف الأمر عن ذلك، بل يزيد أحيانا حينما ترتفع درجات الحرارة، حينها يكون مجبرا على الدراسة في أوقات تشهد فيها الحرارة ذروتها، وهذا من شأنه أن يؤثر على نفسية التلميذ والجو العام للتحصيل، إذا علمنا كذلك أن معظمهم لا يتناولون وجبة الغذاء إلا بعد العودة إلى البيت بعد انتهاء الفترة المسائية، حيث يلاحظ الأستاذ ضعف تركيز وتشتت انتباه التلاميذ بعد ساعتين أو ثلاثة من التعلم لانشغال بالهم بوجبة الغذاء.
عديدة هي الآثار السلبية والأسباب، التي تدفع الحكومة للتخلي عن الساعة الإضافية في قطاع التعليم، إذا كانت فعلا مصلحة التلميذ وضمان حقوق الطفل في التعلم من أولى الأولويات، أما فكرة اقتصاد الطاقة فأراها غير مقنعة كون تلك الساعة التي يتم اقتصادها ليلا تستهلك في الصباح عند الاستيقاظ في وقت مبكر.
إن تبني أي قرار في قطاع حساس كقطاع التعليم، يقتضي دراسة ميدانية، وإشراك كافة المتدخلين فيه من أطر إدارية وتربوية وجمعيات الآباء، والخبراء والمختصين، لتفادي أي عواقب قد تضرب مصلحة جيل بأكمله.