الأربعاء 30 أكتوبر 2024
كتاب الرأي

أمين لقمان: متى يتحقق مطلب دولة المجتمع، ومؤسساتها الوطنية الديمقراطية

أمين لقمان: متى يتحقق مطلب دولة المجتمع، ومؤسساتها الوطنية الديمقراطية أمين لقمان: عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي
لسنا انقلابيون ولا انفصاليون ولا إخوانيون، نحن ديموقراطيون. وجدان المغاربة لا يقبل أن يحكمه فقيه أو ولي متخفي لتنظيم الإخوان المسلمين العالمي، كما لا يقبل أن يتولى شؤونه جنرال عسكري مدعوم من متآمري الداخل أو الخارج، أريحوا أنفسكم، المغاربة شعب يحب ملكيته، لذلك يدافع عنها ويسعى إلى تطويرها لأنها المظلة التي يتعايش تحتها الأمازيغي والعروبي والصحراوي، المغاربة يسعون إلى ملكية برلمانية تنتصر للمظلوم ضد الظالم، ملكية بروح العصر الحديث تخدم تطلعات شعبها من أجل الحرية والعدالة والعيش الكريم.
حين انطلقت عواصف الربيع العربي بدول الجوار تحسس أصحاب المصالح الكبرى والمستفيدون من حالة الإفلاس والذين اطلقوا وصف الفتنة على كل من طالب بالإصلاح قبل فوات الأوان، تحسسوا جوازات سفرهم وحولوا حساباتهم إلى بنوك الخارج، بل منهم من رحل أبناءه إلى أوربا في انتظار اللحاق بهم، كانوا مستعدين لترك الملك وحيدا يواجه ما حسبوه شرا قادما، لكن حضارة المغاربة ووحدتهم ونبلهم خيبت ظنهم.
حين خرجت حركة 20 فبراير واضحة في مطالبها، إسقاط الفساد، ودستور ديمقراطي، وفصل السلط، وهو ما يختزله شعارها حرية، كرامة وعدالة اجتماعية.
اريحوا واستريحوا، المغاربة يحبون ملكهم وليس لهم بديلا عنه، فلا تجعلوا من عشاق الحرية وطلاب العدالة وأصحاب النفس والكرامة الصادقون في حبهم فزاعة لإرهاب الملكية، لا تجعلوا من حماة الوطن متآمرين ودعاة فتنة، لا تتدثروا في كل مرة وأمام صرخة شعب من أجل التحرر من اخطبوط الفساد المنظم، بعباءة المحصن للبلاد ومقدساتها ضد الفتن، الملكية تعلم أن أكبر محصن لها هو شعبها في القرى والبوادي والجبال والمداشر والذي يرفع صورتها ضد بطشكم وفسادكم وطغيانكم.
المغاربة شعب طيب الأعراق ومن حقه أن يستفيد من خيرات بلاده ومن حقه أن يقرر مصيره ومن حقه التشغيل والصحة والتعليم الجيد والديمقراطية والمحاسبة وحقوق الإنسان التي تراجعت أمام تقدمها في دول جنوب الصحراء، كفاكم من خلط الأوراق، المغاربة شعب متحضر ملكيته بأمان وحدته الترابية يحميها الجنود. شعبنا يريد الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
لقد آن الأوان ليرفع الحاكمون كل الحواجز الدستورية والأمنية - وبكل شجاعة - أمام عموم المغاربة ليؤسسوا للمغرب الجديد القوي والمبدع والخلاق والمتماسك بكرامة أبنائه وحريتهم، لأن عزة أي دولة وهيبتها هي من عزة وكرامة وصحة وتعليم ورفاهية أبنائها .
لقد آن الأوان لتغيير المقاربات الأمنية والانصات لمطالب أغلبية المغاربة التي تعاني من الفساد والظلم وإهدار الأموال العمومية وسوء تدبير المرفق والشأن العام. آن الأوان ليستفيد المغاربة جميعا من ثروات بلادهم من خلال مخططات تنموية اجتماعية تشرف عليها حكومة وحدة وطنية بمخطط استعجالي بنيوي واضح يشمل جميع الأقاليم وفي مقدمتها التي طالها التهميش، ودون ذلك فما هو إلا مقاربات عشوائية ظرفية انفعالية مرة في الجنوب ومرة في الشمال ومرة....إن حراك الريف وجرادة مظهر ظاهر للحراك الباطن في جل دواوير ومداشر وجبال ومدن المغرب المهمش.
ان عودة المقاربات الأمنية بقوة إلى جل أقاليم المغرب لن تحل المشاكل المتراكمة وستكون لها انعكاسات سلبية تتحمل مسؤولياتها الجهات المتنفذة التي ترى في كل تحرك جماهيري للمطالبة بالحقوق أنه مؤامرة ضد الأرض والوطن والدولة.
المغرب اليوم في حاجة إلى موجة ربيع ثانية، موجة وطنية شاملة وعاقلة تستكمل ما بدأته وحققته الأولى، الانحدار الذي آلت إليه أوضاع المغاربة وحالة الإفلاس التي أعلنتها مؤسسات عمومية مستأمنة على أجيال ومستقبل المغرب، وتنامي الحركات الاحتجاجية والوعي المضاد لإرادة الاستبداد والقمع، وسقوط القناع عن حكومة تاجرت بهوية ونضالات وأحلام المغاربة، وفرض برنامج التراجعات الاجتماعية بالقوة واخضاع مستقبل المغرب للمديونية وشروط الجهات المانحة، بعدما تأكد تحالف الظلام بالفساد، وبعدما تأكد حجم الاستهداف الذي تعرض إليه المواطن المغربي في تقاعده وأمنه وصحته وتعليمه وغذائه وارتفاع أسعار الضرائب والماء والكهرباء ورفع الدعم عن كل المواد الأساسية، وبعد حالة العطالة المستفحلة في المدن والبوادي وحالة الكساد الاقتصادي العام التي تسم السنوات الأخيرة. أصبح من حق المغاربة ومن حق ملكهم عليهم، أن تنتهي مرحلة وتنطلق أخرى جديدة، أن ينتهي عهد المؤسسات الصورية والتحكم والديمقراطية الشكلية، إلى عهد الدولة الوطنية الديمقراطية المهابة.