الأربعاء 8 مايو 2024
خارج الحدود

من هو فتح الله غولن؟.. أو "خميني الأتراك" الذي اتهمه أردوغان بالتحريض عليه من أمريكا (2/2)

من هو فتح الله غولن؟.. أو "خميني الأتراك" الذي اتهمه أردوغان بالتحريض عليه من أمريكا (2/2)

التركي فتح الله غولن، أو "المبتسم" كما يعني اسم عائلته، هو من أكثر المبتسمين فرحا منذ مساء الجمعة بين الأتراك، فأمس اتهمه أردوغان بالتحريض على الانقلاب حين أطل تلفزيونيا، وهو من مواليد 1941 بقرية من الأصغر على الخريطة، اسمها "كوروجك" ومتعبة للباحث بشأنها عن معلومات، لأنه لن يجد إلا أنها في محافظة "إيرزوروم" المعروفة عربيا باسم "أرض الروم" في الشمال الشرقي التركي.

إلا أن غولن بعكس قريته المجهرية تماما، فالمعلومات عنه متوافرة "أونلاين" بكثرة تثير الاستغراب والعجب، إلى درجة أنك ما إن تبدأ بكتابة أول حرف من اسمه، وهو الفاء، في خانة البحث بموقع "غوغل" مثلا، لتقرأ ما يمدك به من موضوعات تتعرف بها إليه والى أفكاره، حتى يكمل الموقع كتابة اسمه عنك، وهو لا يفعل ذلك مع مشاهير بالمئات تبدأ اسماؤهم بالحرف نفسه، وهذا دليل على كثرة من يبحثون عن رجل معروف للإعلام الغربي بلقب "خميني تركيا" لمشاكسته نظام أردوغان من الخارج، كما فعل الخميني من فرنسا مع نظام الشاه بإيران، لأن خانة البحث تصنف من يتم البحث عنهم فيها بحسب عدد الباحثين، والأكثر يظهر اسمه قبل الأقل بمجرد كتابة أول حرف من اسمه، لذلك فغولن ليس لعبة، ولديه مغريات وجاذبيات.

أسس حركة تمتلك 4000 مدرسة بتركيا وخارجها

يعد الكاتب والداعية الإسلامي السعودي عائض القرني أحد المعجبين بغولن، وله فيديو في "يوتيوب" يمتدحه فيه بكلمة ألقاها قبل 3 سنوات، ومن كلامه المطابق للحقيقة باستثاء خطأ ارتكبه بعمره، فقال ان عمره 85 علما أنه 75 هذا العام، نتعرف أكثر إلى فتح الله غولن ومنهج اللطف والرقة الذي يتبعه في الحوار بين الأديان، لذلك يلقى "انفتاحه" ترحيبا في العالم الغربي. الا أنه واجه المتاعب في الداخل التركي.

تلك المتاعب بدأت في منتصف 1999 مع السلطات التركية، بعد حديث تلفزيوني انتقد به ضمنيا مؤسسات الدولة، فاستدعاه المدعي العام للتحقيق، فتدخل رئيس الوزراء آنذاك، الراحل في 2006 بولنت أجاويد، ودعا إلى معالجة الأمور وعدم فتح الموضوع للنقاش بمحطات التلفزيون، ودافع عن غولن ومؤسساته التعليمية، وعلى أثرها اعتذر فتح الله غولن علانية عما قاله في الحديث التلفزيوني، ثم لملم حوائجه وغادر إلى الولايات المتحدة وأقام فيها، وبقيت تركيا في باله دائما، يراقب ما يجري فيها عن قرب وهو بعيد.

أما متاعبه مع أردوغان، فاحتدمت أكثر حين إغلاق الحكومة التركية في 2013 لسلسلة مؤسسات تعليمية تديرها "جماعة غولن" ضمن قوانين وتشريعات لإصلاح العملية التعليمية. وفي تبريره لإغلاق تلك المؤسسات "التي يزيد عددها عن 4000 مدرسة حول العالم" قال أردوغان: "الأمر يتعلق بإلغاء نظام تعليم غير شرعي لا يفيد إلا أولاد العائلات الثرية في المدن الكبرى ويقحم الأولاد في منافسة حامية" وفق تعبيره..

وسريعا بدأت حركة احتجاج مناهضة للحكومة في منتصف ذلك العام، ونشرت صحيفة "زمان" الناطقة باسم جماعة كولن افتتاحيات تميل بعض الشيء لدعم موقف المتظاهرين الذين كانوا ينددون بحكومة أردوغان. وعلى الخط نفسه دعا الرئيس آنذاك، عبد الله غول، وكذلك نائب رئيس الوزراء بولنت أرينتش، وكلاهما مقربان من غولن إلى المصالحة، لكن بلا جدوى. ثم بدأوا في تركيا يتحدثون عن اختلافات بين توجهات غولن الفكرية عن أردوغان، برغم أن أردوغان كان أحد تلامذته، لكن يبدو أن طعم السلطة غيّره، وراح يعتبر أن "جماعة غولن" هي دولة ضمن دولة.