الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

بن سعيد الركيبي:قراءة في شعار المخيمات لهذا الموسم " المخيم فضاء للتعايش والتربية البيئية "

بن سعيد الركيبي:قراءة في شعار المخيمات لهذا الموسم " المخيم فضاء للتعايش والتربية البيئية "

بداية ينبغي التنويه بكل الجهود التي تبذلها الوزارة والجمعيات من أجل الحفاظ على هذا الموروث التربوي الجميل والتذكير أيضا بأهمية حرص الوزارة وشركائها كل موسم تخييمي على اتخاذ شعار للمخيمات تستمد منه مختلف البرامج التربوية التنشيطية فقراتها وتشكل مضامينه الحمولة الفكرية التي يسعى المنظمون إلى أن يعكس المخيم أبعادها السوسيوتربوية متخذا في ذلك نهجا بيداغوجيا يعتمد التنشيط كآلية لغرس القيم وتمثلها، وقد جرتالعادة أن يتم اختيار شعارات تتلاءم وطبيعة الاحداث والمتغيرات التي يعرفها المجتمع وفي هذا السياق كانت شعارات المخيمات لا تخلو من رسائل للداخل او الخارج تعكس مدى الاهتمام الذي توليه مؤسسة المخيم بما يفتعل في محيطها . وإذا كان للمدرسة شعار ثابت مستمر يقول " المدرسة طريق الحياة " فإن المخيم يحرص على أن يغير شعاراته كل موسم باعتباره " مدرسة لتعلم الحياة " بعيدا عن نظام المدرسة المثقل بالتنظيمات والمقررات والمناهج ، وشعار هذه السنة يعكس الرغبة في أن تستمر مخيماتنا فضاءات للتعايش وملتقيات حاضنة للتنوع الثقافي في إطار من الألفة والمحبة والمودة .وتحقيقا لهذا الهدف دأبت الجمعيات والهيآت التربوية على تنظيم مخيمات وطنية بمشاركة أطفال فروعها من مختلف ربوع الوطن كما تحرص الوزارة على أن يكون التنوع حاضرا في خارطة مخيماتها إذ تتجاور جمعيات من مختلف المناطق في نفس المخيم ، غير أن التعايش لا يقف عند حدود الجغرافيا المكانية للمخيم أو عند منحدرات المشاركين فيه بل يجب أن يتجاوزه إلى ما هو أهم، إلى البرامج التربوية لتصير آليات تدعم فكرة التعايش وتغرسها في نفوس الصغار وتثبتها في عقول الكبار بعيدا عن مظاهر التقوقع والانغلاق والتشنج والصراع الذي تشهده أحيانا بعض مخيماتنا، فما الجدوى من مخيم تنتفي فيه مظاهر التعايش بين مكونات الجمعية الواحدة ما بالك بالجمعيات التي يجمعها نفس المخيم ؟ وهو ما يتنافى مع رسالة المخيم التي تعمل على تصحيح الأفكار المسبقة، واتاحة الفرصة للإبداع والتواصل بحرية وإقامة علاقات طويلة الأمد مع أشخاص آخرين. وفي المحصلة أننا نطمح في أن تظل مخيماتنا مدرسة لتعلم سلوك القبول بالآخر واحترام الاختلاف والتنوع مما يجعلها فضاءات نموذجية للتعايش في ظل إكراهات يجب ان نشتغل جميعا من أجل الحد من تداعياتها وذلك بالعمل على استصدار قوانين مؤطرة لهذا الميدان تحصينا لتراثه الفكري التربوي وصونا لحقوق المستفيدين من أنشطته والعاملين فيه. أما بالنسبة لورود التربية البيئية في الشعار فيعلم السابقون من جيلي أنه كان شعارا لجيل من المخيمات مع أولى بوادر الاهتمام العالمي بالمخاطر التي تتهدد البيئة ولعلكم تتذكرون شعار " الطبيعة، حمايتها، استثمارها ..."
غير أن ربط التربية البيئية بالتعايش فيه الكثير من العسف وتحميل بنية الشعار ما لا يحتملها معناها ويظهر من خلال البناء اللغوي إضافة قيمة ( التعايش ) الى مكون ( التربية البيئية ) حيث يصعب ايجاد رابط منطقي بينهما على الاقل من الناحية التربوية وقد كان بالإمكان تلافي هذا الالتباس بإعادة صياغة الشعار كالتالي "المخيم فضاء للتربية على التعايش والحفاظ على البيئة " وبذلك نكون قد حققنا الملاءمة بين متطلبات التربية ومتطلبات المناسبة الرسمية التي أطلقتها الحكومة تحت شعار " زيرو ميكا " .