ربما قد يكون من أبرز السياقات الزمنية التي حل فيها شهر رمضان هذه السنة، اقترابه من موعد انتخابي تعول عليه كل الأطياف السياسية المغربية لإحداث قفزة نوعية على مستوى تأكيد أو خلق موقع متميز لها على الخريطة القيادية للمملكة. وبالتالي، كان لابد من النظر لهذه الثنائية من وجهة مدى استغلال هيآت معينة لهذا الظرف حتى تتخذه دفعة لترويج أفكارها على نحو عقائدي صرف في محاولة تعويض عجزها عن إثبات الذات بالبرامج الواقعية والحلول الجذرية القابلة للتطبيق.
لهذا، وعلى الرغم من سماع من حين لآخر عن قرار منع نشاط ديني بدواعي "ملغومة"، يلاحظ في المقابل تنظيم أنشطة أخرى ذات حمولة سياسية وإن تسترت وراء عناوين "مهرجان قرآني" أو "إفطار جماعي" أو "اعتكاف طلابي". ولنا في حركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية، المثال الحي على هذا التوظيف المشبوه لمناسبة دينية هي ملك الجميع ولا حق لأي كائن كان في مجرد نية احتكارها، فبالأحرى تحوير مجرى قدسيتها لأغراض انتخابية.
تطاول مثل هذا، لم يكن لوزارة الداخلية، كما سبقت الإشارة أن يغفل عنها، أو يغيب انعكاسه الفج في تصورها على الوضع المجتمعي العام للمغاربة حفاظا على ما يمكن تسميته بمكتسب تكافؤ الفرص بين الفعاليات السياسية. الأمر الذي حدا بها إلى الإسراع لإعلان حظر كل مبادرة تحت شعار "عمل خيري إحساني" أو ما يشاع مبدئيا تحت غطاء "قفة رمضان" أو تمطط في الفضاء الديني.
الدليل هذه المرة يأتينا من عمالة المضيق حيث اضطر الباشا إلى إصدار قرار تنظيمي بمنع نشاط لحركة التوحيد تحت غطاء دين- انتخابي لفائدة حزب العدالة والتنمية. علما أن حركة التوحيد والإصلاح سبق ونظمت بشراكة مع بلدية الفنيدق، التي يرأسها حزب العدالة، أمسية قرآنية بكورنيش دار الجمعيات بالفنيدق، لكن تم التحايل على ذلك بتمطيط النشاط إلى الفضاء العمومي بدون ترخيص عبر التمدد بالكورنيش مما جعل النشاط يتحول إلى طابع "دينو-انتخابي".
بقيت الإشارة إلى أن الورقة الحمراء التي أشهرت في وجه رفاق بنكيران بالمضيق وقبله في طانطان ومكناس، ليس سوى غيض من فيض اللقاءات التي نجح "البيجيديون"، بصرف النظر عن قبعات الموالين لزمرتهم، في إحيائها خلال الشهر الفضيل سواء في الفنيدق أو بني ملال أو منطقتي بنمسيك وعين الشق في الدار البيضاء. كمدخل مبطن لاعتماد ما يرونه عنصر تميز وقوة عن باقي المنافسين. وكأنهم في صراع مع خصوصية تدبير الشأن الديني المغربي المبنية على مؤسسة إمارة أمير المؤمنين. الوحيدة الكفيلة بضمان الحياد والنأي عن كل مشاهد الاصطفاف إلى هذا الجانب أو ذاك كمطية بلا وجهة، وحتى إن كانت فلن تخرج عن وجهة طامة "الهاوية".
سياسة