على هامش اللقاء التواصلي الذي نظمته وزارة العدل والحريات، يوم أمس مع المنظمات الحقوقية تقدم المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف في شخص رئيسه بالمعطيات والملاحظات التالية :
ذكر بالسياق الذي ينبغي استحضاره، ذلك إن مناهضة التعذيب وتجريمه هو استجابة جزئية لمطالب التسوية الوطنية والتي أثمرت توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، والتي عنوانها القطع مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوقالإنسان .
ومن أهم التوصيات، إلى جانب تجريم الاختفاء القسري والتعذيب والاعتقال التعسفي وكل الجرائم ضد الإنسانية، توصية بضرورة سن استراتيجية عدم الإفلات من العقاب، والحكومة الحالية، فعلا، سطرت خطة في هذا الصدد، ولكن هذه الخطة اختزالية ، فقد ركزت على الحد من الإفلات من العقاب في مجال مكافحة الفساد، استجابة للمطالب الدولية في مجال محاربة الرشوة ، مما يستدعي إخراج الاستراتيجية وفق المنصوص عليه في التوصية .
إن مشروع القانون حول الآلية الوطنية المستقلة للوقاية من التعذيب، المودع حاليا لدى الزمانة للحكومة، لم يتم الإطلاع عليه من قبل الجميع وبالأحرى لم تحترم فيه المقاربة التشاركية ، بغض النظر عن كون المجلس الوطني لحقوق الإنسان هو صاحب المبادرة ، فقد صاغ مقترح قانون يروم بمقتضاه احتضان الآلية ضمن آليات ثلاثة أخرى، مما يطرح سؤال الاستقلالية الوظيفية، فتماهي الولاية الخاصة مع العامة وانعدام المسافة الضرورية، من شأنه الإضرار بالغاية من إحداث الألية .
وبما أن الاختفاء القسري كجريمة مستمرة في الزمان والمكان، فإنها، لاشك، تستغرق التعذيب، وهو مفترض وقوعه ، امام انعدام وسائل المراقبة اللصيقة بمخافر الاحتجاز ودهاليزه ، وبغض النظر عن عدم تعريف المدونة الجنائية للاعتقال التعسفي ، الذي يعتبر شعرة رفيعة بين التوقيف القانوني وبين الاختفاء القسري، فإنه وجب التعريف بالعناصر المكونة لجريمة الاعتقال التحكمي، وترتيب العقوبات الملائمة، وهنا لابد من الإشارة والتنبيه بأن الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، لا جدوى منها إذا لم تصرح الحكومة المغربية للجنة الأممية بتلقي الشكايات من ضحايا الاختفاء القسري مباشرة أو من ذوي حقوقهم .
ويبقى أن الطب الشرعي آلية ضرورية لمعرفة الحقيقة، مما يستدعي تأهيل وتوسيع دائرة التمكين في هذا الصدد، بتحسين جودة البنيات والموارد البشرية، في إطار الحق في معرفة الحقيقة وفي سياق تكريس مطلب الحق في الصحة والحق في ولوج العلاج وتأهيل ضحايا الانتهاكات الجسيمة وجبر أضرارهم .
سياسة