الصديق معنينو أنا في طريقي إلى بن غرير تلك القرية الصغيرة الموجودة في قلب الرحمانة ... تذكرت حين كنت أتوقف فيها وأنا في طريقي إلى مراكش.... هناك كان اللحم المشوي وكؤوس الشاي المنعنع ... لكني هذه المرة أوجد في طريقي إلى جامعة محمد السادس لإلقاء محاضرة حول الوحدة الترابية للمملكة.... كنت أشعر بأني في طريقي إلى مركز للعلم والبحث ورغم ذلك اندهشت عند وصولي....
تركت سيارتي وركبت سيارة كهربائية كالتي توجد في ملاعب الكولف، حيث أخذتني المكلفة بالاستقبال إلى فندق رائع يوجد داخل الجامعة ... كانت مفاجأتي الأولى أن في الجامعة فندق من عدة نجوم، بينما كنت أنتظر قضاء الليلة في إحدى فنادق مراكش...
فورا بدأ دوران العقارب... لقاء واجتماع ومحاضرة ثم جولة عبر شوارع واسعة، وسط عمارات وبنايات في غاية الجمال والأناقة... شعرت بأني في عالم آخر بتقنياته وطريقة عمله وأسلوب تفكيره... أنا في حضرة جامعة كما أرادها محمد السادس حينما دشنها سنة 1917... قال الملك... هذه الجامعة للكفاءات والاستحقاق.... للبحث والابتكار.... وكانت فعلا....
لغة الأرقام
في جامعة محمد السادس سبعة ألف ومائتي طالب وطالبة... في بني غرير وفي ملحقاتها بالرباط وباريس ومونريال وياما سوكرو.... ثمانين في المائة من الطلبة يستفيدون من منحة شهرية تقدم للمعوزين والمتميزين في الدراسة... هؤلاء الطلبة يسكنون في الجامعة التي توفر لهم المأكل والمشرب... 60% من الطلبة من الإناث كما أن 40% من الذين يقومون بإعداد أطاريح الدكتورة من الإناث كذلك... لا تضم الجامعة المغاربة المتفوقين فقط ولكنها تستقبل طلابا من أربعين دولة معظمهم من إفريقيا.
بالجامعة ما يزيد عن خمسين مركزاً للبحث والابتكار تتوفر على كل الوسائل العصرية لإنجاز الأفكار والمشاريع مما جعل الجامعة تنتج ما يزيد عن 130 براءة اختراع في ميادين مختلفة.
وترتبط الجامعة مع 600 مقاولة لأصحابها مشاريع تنموية ... توفر الجامعة لهؤلاء الشباب الخبرة والدعم والمرافقة لإنجاح المشاريع وضمان استمرارها... هنا 90% من الدروس والأبحاث تتم باللغة الأنجليزية.
في الجامعة حوالي 600 أستاذ وأستاذة الثلثين منتمين للجامعة والباقي من المتعاونين... ورغبة في الحفاظ على المستوى الرفيع للدراسة يتم استقطاب كفاءات عالية من مختلف أنحاء العالم كما يتم استقطاب كفاءات عالية من مختلف أنحاء العالم منهم أساتذة وباحثون مغاربة كانوا يعملون في الجامعات والشركات العالمية.
المشتل
دامت جولتي في السيارة الكهربائية ما يزيد عن الساعة مما مكنني من أخذ فكرة وجيزة عن مشتل للبحث والابتكار... ذلك أن الجامعة مختبر كبير يسعى إلى إيجاد أحسن الحلول للمشاكل في عدة ميادين منها الفلاحة والأعمال وتحلية مياه البحر والطاقة الشمسية والطاقة المتجددة والكهرومائية والشبكة الذكية والتخزين الطاقي والسيارة الكهربائية والحكامة والعلوم الاجتماعية وعلوم أخرى.
وفي مراكز البحث والحاضنات تجهيزات إليكترونية جد متطورة وارتباطات مع جامعات ومراكز دراسة.... تتوفر الجامعة على آلة حساب ضخمة هي من بين العشرة الآلات الشبيهة في العالم... هذه الآلة التي تطل على ما بعد المستقبل تعد جوهرة في عقد جامعة محمد السادس.
مدارس ومعاهد
سيكون من الصعب الإحاطة بكل الأنشطة ومراكز الأبحاث... مثلا هناك كلية للطب والصيدلة ومستشفى للتمارين والاقتراب من المرضى... هناك مدرسة للرياضة والإعداد والتداريب... هناك مدرسة 13.37 فروعها في خريبكة واليوسفية والرباط وتطوان.
ولوج هذه المدرسة يتم بدون شهادة بل اعتماداً على مشاريع ... هذه المدرسة لا توجد فيها فصول أو أساتذة أو أوقات محددة للدراسة ... العمل فيها حسب ساعات يختارها الطلبة ... والخريجون لا ينالون شهادة أو دبلوم.... ومع ذلك تتزاحم الشركات مغربية وأجنبية على استقطابهم فور إنهاء مشاريعهم التي ينجزونها بتعاون مع أمثالهم في المغرب وخارجه.
يتبع ....
