الماء بورزازات إنه من بين المآسي التي يعيشها سكان هذه المنطقة وحتى العابرين لها، فالكل يعلم أنه غير صالح للشرب، زد على ذلك التسعيرة المرتفعة المعمول بها، إضافة إلى مخالفات أخرى تم سردها في اللقاءات التواصلية التي نظمت، وحضرها المدير الإقليمي لقاطع الماء، كما وقع محضر مع عدد من ممثلي المجتمع المدني من جمعيات إلى غير ذلك.. لكن في دجنبر الفارط قررت عدة جمعيات بالمدينة تنظيم وقفة احتجاجية أمام المكتب الذي يطلقون عليه اعتباطا المكتب الوطني للماء الصلح للشرب، اجتمعت التنظيمات أصدرت بلاغا قبل الوقفة ب 15 يوما.. نظمت الوقفة بحضور السلطات المحلية وكذا بعض عناصر أجهزة الأمن، وكان شكلا حضاريا من بدايته حتى نهايته، اللهم بعض الاستفزازات من طرف بعض المقدمين الحاضرين بأوامر قائد المنطقة، حيث كان يرسلهم لمحاولة تفتيش الملصقات التي أحضرها المحتجون.. بخلاف ذلك فقد عبر الحضور على الوضع المزري الذي يعيشونه جراء طبيعة هذا الماء وتجاوزات المكتب الخاص به، وبعدها وُجه استدعاء لبعض ممثلي المجتمع المدني من منظمي الوقفة من طرف المدير الإقليمي المعني، وقدم لهم وعودا بإصلاح الوضع...
لكن الغريب في الأمر والموضة الجديدة التي أصبحت السلطات المحلية بورزازات تتبعها، هي تقديم شكايات إلى النيابة العامة بأشخاص محددين وليس بالتنظيمات المسؤولة، ويتم استقدامهم إلى مخفر الضابطة القضائية ليقضوا أكثر من ثلاث ساعات في التحقيق. وسأتحدث هنا عن التحقيق الذي حضرته باعتباري أحد المشتكى بهم، كما أخبرني عناصر الضابطة القضائية، وذلك يوم الاثنين 19 فبراير 2018 رفقة زميلين في العمل الجمعوي، واستدعي رابع بالهاتف وهو نقابي وموظف بقطاع الماء.. فقد اتهمنا القائد بتنظيم وقفة غير مرخص لها وأرفق شكايته بالبلاغ الذي أعلن عن الوقفة، وهو موقع من طرف الجمعيات. وهنا نسجل فضائح عدة، أولها أن البلاغ واضح والمعلنين عن الوقفة قد وقعوا وختموا البلاغ، وهذا تناقض صارخ وواضح..
فكيف يتم استدعاؤنا نحن؟؟ هل هذه عملية انتقامية على اعتبار العمل النضالي الذي نقوم به؟؟؟ مسالة اكثر من سابقتها فإذا كانت المسيرة يصرح بها هل الوقفة يجب أن يرخص لها، وما هو النص القانوني الذي يلزم منظمي الوقفة الاحتجاجية بطلب ترخيص من السلطة العمومية؟ وماذا عن منشور وزير العدل 92 س 3 الموجه لوكلاء الملك والوكلاء العامين في 12 أكتوبر 2015؟؟؟؟ حول موضوع التجمهر بالطرق العمومية، والذي شرح النصوص القانونية ووضح طبيعة التظاهرات التي تحتاج إلى تصريح وجوبا، والتي لا تحتاج إلى تصريح كما وضح شروط المتابعة في هذا الشأن، مشيرا إلى التطبيق الدقيق للفصل 19 من ظهير 58 وفق آخر تعديلاته، وركز عليها حيث جاء فيه "من دونها لا يمكن متابعة أي شخص من أجل التجمهر المسلح أو الغير مسلح الذي قد يخل بالأمن..." لكن السلطات المحلية بورزازت صاغت قانونا خاصا بها وتطاولت على الهيئات التشريعية وبدأت في ترهيب السكان بالمحاكم والزج بهم في السجن إذا هم لم يشربوا الماء الخانز ويسددوا الفواتير ويلتزموا الصمت..
بكل أسف أصبحنا غرباء في وطننا يجب أن نرضى بالفساد والمفسدين وأن نقبل بظروف معيشة جد مزرية، ونتحمل تلاعب اللوبيات بمستقبلنا ومصائرنا، ولا نقول حتى إن هذا منكر.. ماذا تريد سلطات ورزازات، أن نذبح دون أن نصرخ؟؟ طبعا فعناصر السلطة المحلية لا تشرب الما الخانز ولا تدفع فواتيره ولا يمكن أن تنزع عدادات منازلها، وهي في أريحية تامة من كل هذا طبعا.
هذا المقال غير موجه إلى السلطة المحلية بورزازات بأي حال من الأحوال، لكن السؤال المطروح هنا، وأتمنى أن يجيب عليه وزيري العدل والداخلية، ولا مشكلة طبعا أن لم يجيبوا، المهم أن يصل هذا إلى الرأي العام الوطني والدولي.. وهو ماذا عن منشور الحريات العامة الذي أصدره مركز الدراسات والأبحاث الجنائية بمديرية الشؤن الجنائية والعفو سلسلة نصوص قانونية أكتوبر 2011 العددي 8؟؟؟ وأشير هنا إلى الصفحة 5 وما جاء فيها "التزام المغرب من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان وضمان الحريات".. فقد عمل على ملاءمة تشريعه مع الاتفاقيات الدولية وأكد على سمو هذه الأخيرة على التشريعات المحلية فور نشرها؟؟؟ ألم تتم الإشارة في هذه الصفحة إلى المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي جاء فيها "يعترف بالحق في التجمع السلمي. ولا يجوز وضع القيود على ممارسة هذا الحق غير ما يفرض منها تماشيا مع القانون والتي تستوجبها، في مجتمع ديمقراطي، مصلحة الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الأخلاق أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم". وهنا نتساءل: هل وقفة 12 دجنبر أخلت بالأمن أو السلامة العامة أو النظام العام؟ لكن ماء ورزازات يا سلطات المغرب يخل بالصحة العامة وبحقوق الساكنة.. ماذا فعلتم، أليست هذه تشريعات دولية تعلو فوق نظيرتها الوطنية، وهذا مسطر في النص الدستوري؟ أم أن هذه التشريعات ليست إلا ماكياج لدمقراطية زائفة وحقيقة الأمر غير ذلك؟
وختاما أقول للسلطات المحلية، والتي تحاول تهديدنا بالمحاكم والسجن أن نحاكم أو ندخل السجن لأننا مناضلون شرفاء وندافع عن حقوق الساكنة من أبناء وطننا الضائع، فهذا وسام شرف لنا، فنحن لا نسرق المال العام أو أراضي الجموع أو نعيث فسادا في الصفقات العمومية أو نصادق على الفساد الدي تمتلئ به جوانبنا.. وكما يقال "نعم تستطيعون قطف كل الأزهار، لكنكم لن تستطيعوا وقف زحف الربيع".