السبت 20 إبريل 2024
سياسة

سعد الدين العثماني.. رئيس حكومة الزيادة في الأسعار..!!

سعد الدين العثماني.. رئيس حكومة الزيادة في الأسعار..!! سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة

1- الطبيب الذي احترف السياسة:

كثيرون هم الأطباء المغاربة الذين راودوا السياسة عن نفسها فوصلوا إلى ( النفق المغلق):

أضاعوا قسم أبو قراط، دون أن يتمكنوا من إتقان أبجديات الميكيافيلية السياسية.

أما هو، سعد الدين العثماني، فلم يكتف بالمراودة، وإنما تخطاها إلى ذروة الوصال..!!

فكان بذلك -من باب استثناء القاعدة- أول طبيب نفساني يصعد إلى زعامة أكبر تيار/ حزب إسلامي، ويجلس على كرسي رئاسة الحكومة في مغرب محمد السادس.

2- سياسة النفس الطويل:

يعرف العثماني جيدا كيف يفض الاشتباك بين مهنته كطبيب، وهي مناط استقراره المادي، وطموحه السياسي، وهو مناط شهوته لاقتحام الأعالي. غير أنه كثيرا ما يخلط بين الاتجاهين:

- يغلب صفته المهنية لـ "يعالج" اندفاع صقور العدالة والتنمية نحو الهلاك السياسي..!!

- يوظف بروباغندا السياسي لتأبيد تعامله مع مستشفى الشيخ زايد بالرباط، مصدر دخله الكبير كاستشاري نفسي..!!

في المحصلة:

- علمه الطب كيف يبتسم في وجه المحن.

- علمته السياسة كيف يحافظ على (شعرة معاوية).

وهو دوما متسلح بفضيلة (النفس الطويل). وكثيرا ما ضبطه المقربون منه وهو يردد مثله المفضل: "بدنجال كيتكال بالمهل".

3- رجل الأقدار وسفينة الإسلاميين:

يوصف العثماني بأنه (رجل الأقدار).

لأن محطات أساسية في مساره الإيديولوجي ارتبطت بأحداث سياسية فارقة في تاريخ الوطن.

بالنسبة لمناصريه الكثر، ليس من قبيل المصادفة البحتة، تزامن ولادة سعد مع حصول المغرب على استقلاله (1956). وكذا تزامن تعيينه مديرا للحزب مع إنضاج خيار التداول على السلطة (1998). وأيضا تزامن ارتقائه إلى منصب نائب عبد الكريم الخطيب مع نهاية العد التنازلي لمغرب الحسن الثاني (1999).

ومع أن العثماني لم يبدر منه ما يشي بأنه يعتبر نفسه (رجل الأقدار)، إلا أنه، مثل أي سياسي يتمنى أن لا يقف به (حمار السياسة) في عقبة الصعود، عرف كيف يستفيد -بذكاء- من هذه (المصادفات التاريخية) لدفع مساره التصاعدي قدما. وتسويق نفسه كزعيم إسلامي (من نوع آخر). زعيم يتشبث باعتداله حتى في أوج اللحظات الاستفزازية. ولا يرضى عن الوسطية بديلا. ويتبوأ موقعه فوق الخلافات المرحلية.

في خرجاته الإعلامية، يبدو العثماني حريصا على الظهور في صورة (الرجل العادي) الذي لا يمتاز عن رفقائه سوى بمهمته كقائد للحزب ورئيس للحكومة.

وخلال الملمات التي تشعل انتفاضة الجناح المتشدد، يبرز في صورة زعيم (صنعته الأقدار) ليحول دون اصطدام (سفينة الإسلاميين المعتدلين) بصخور النظام الذي يتحين (فرص الانقضاض)..!!

4- الفم المغلق لا تدخله ذبابة:

بدأ العثماني زعامته لإسلاميي العدالة والتنمية منذ ارتقائه إلى منصب نائب الأمين العام عبد الكريم الخطيب سنة 1999. ولم يكن انتخابه على رأس قيادة الحزب (أبريل 2004) سوى تتويج فعلي لهذه الزعامة.

على مدى خمس سنوات (1999/ 2004) نجح العثماني -ابن إنزكان- في إزاحة الشيخ الخطيب إلى (خلفية الصورة) ليتصدر هو (عمق الواجهة). ويغدو الحاكم بأمره في شؤون الحزب الإسلامي من الألف إلى الياء.

كان عبد الكريم الخطيب في قمة عمره. ولم تكن ظروفه تسمح له بأخذ زمام أمور الحزب بيده المرتعشة.

مقابل ذلك، بدا العثماني المزداد سنة 1956، رقما مهما في (معادلة القيادة). بسبب حيويته الفائقة، وقدرته على مواجهة المستجدات. والأهم مهارته في صيانة توازن العلاقات بين مختلف التيارات المشكلة للعدالة والتنمية.

يمكن القول إن قيادة العثماني للحزب، خلال الفترات العصيبة التي وضعته على (محك الاختبار) وأخطرها التفجيرات الإرهابية لـ 16 ماي بالدار البيضاء، زادت من رصيده الموفور. وجعلته (الرجل الوحيد) المؤهل لخلافة الشيخ الخطيب.

في سنة 2004 شكل مصطفى الرميد، المحسوب على جناح (عفاريت العدالة والتنمية)، أقوى منافس للعثماني على مقعد قيادة الحزب. غير أن قيام الرميد بإرخاء الزمام لـ (خرجاته الغاضبة)، وبالتالي نشر (غسيل الحزب) على أعمدة الصحافة، ساهم في تنمية الإجماع على العثماني، الرجل الدائم الابتسام، الذي يطبق المثل الإسكوتلاندي: "الفم المغلق لا تدخله ذبابة".

5- زعيم التوازنات الهشة:

يبدو العثماني، الحامل على كاهله 62 سنة، هادئا على الدوام. لا يدع المؤثرات الخارجية تؤول به إلى (الانفعال الاستعراضي).

ثم هو يعرف -بدقة- كيف يختار كلماته. ومتى يدلي بآرائه. كما أن خرجاته الإعلامية، خاصة مع قنوات الخارج الداعمة للتيارات الإسلامية، تبدو محسوبة ومدروسة على النحو الذي يؤدي إلى (الصدى المأمول).

لكن وراء (هدوئه الظاهري) يكمن (غليان نفسي) يدرك العثماني -بحسه كطبيب- أنه إن لم يقمعه في المهد، سينقلب إلى (حالة مرضية) تفقده التحكم في التوازنات، مهما كانت هشة، وبالتالي تموقعه خارج دائرة القيادة..!!

هكذا لم يكن أمام زعيم المصباح سوى التذرع بـ (صبر أيوب):

أولا: عندما طعن الرميد في أهليته لقيادة الحزب، عبر قوله إن العدالة والتنمية "يعيش أزمة حقيقية نتيجة تضاؤل شعبيته في الشارع، وتقلص قاعدة المنضمين إليه"..!!

ثانيا: حين أطلق الشيخ عبد الباري الزمزمي تصريحاته النارية التي وصف من خلالها الحزب باسم "النذالة والتعمية"..!!

في الحالتين: ترك العثماني العواصف تمر بهدوء. وكان ألمعيا حين تفادى السقوط في شراك الرد العلني على الرميد. وفي مأزق السجال المنحى الذي رامه الشيخ الزمزمي.

6- الأخطاء القاتلة والتركة الثقيلة:

حين جلس العثماني على مقعد رئاسة الحكومة، المقعد الذي نهض منه بنكيران:

- كان على إدراك تام بـ (الأخطاء القاتلة) التي ارتكبها سلفه ورئيسه السابق.

- كان على علم كامل بحجم وأبعاد التركة الثقيلة التي ورثها مرغما بحكم منصبه.

وعوض أن يبادر العثماني إلى تغيير ما يقتضي التغيير لصالح الشعب، لا لصالح الحكم، واصل نفس السياسات المصابة بداء فقدان الشعبية، وأكد للمغاربة أجمعين تلك المقولة التي تحمل سخرية مريرة:

- أحمد/ بنكيران هو نفسه الحاج أحمد/ العثماني..!!

7- العثماني نسخة غير منقحة من بنكيران:

لم تكن من قبيل السخرية، تلك الصورة التي تداولها عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يظهر فيها رئيس الحكومة العثماني وهو مستغرق في التفكير، يبحث عن زيادة جديدة في الأسعار يفرضها على فقراء هذا الوطن..!!

من هنا يصح، بل يلزم القول: سعد الدين العثماني نسخة غير مزيدة ولا منقحة من سلفه عبد الإله بنكيران..!!

8- سؤال بحجم الفجيعة:

ثمة سؤال عام لم يجب عنه بنكيران، ويصعب أن يجيب عنه العثماني:

- هل أصاب الشعب حين أطلق على تجربة إسلاميي العدالة والتنمية في الحكم لقب: حكومة الزيادة..!؟

- أم أخطأ بنكيران/ العثماني حين جلس كل منهما، تباعا، على مقعد رئاسة حكومة أكبر إنجاز لها هو رفع الأسعار..؟!