Wednesday 30 April 2025
سياسة

محمد السادس .. الملك الذي اعتلت في عهده المرأة المنبر الحسني

محمد السادس .. الملك الذي اعتلت في عهده المرأة المنبر الحسني

فكرة المجالس العلمية هي فكرة قديمة في تاريخ الدولة الإسلامية، وقد برزت في المغرب في العهد المرابطي والموحدي، وكان يطلق عليها مجالس الفقهاء، ولم يطلق عليها «المجالس العلمية» إلا في العهد المريني ثم السعدي. وفي العهد العلوي احتضن ملوك الدولة العلوية هذه المجالس العلمية وشجعوها، وأمروا بفتح باب المناقشة بين العلماء. وكان العلماء من ملوك هذه الدولة يدلون بدلوهم في هذه المساجلات، وكان من فضائل هذه المجالس، ومن نتائج أعمالها أنها أعادت الاعتبار إلى أصول الشريعة الإسلامية بدل التمسك بالخلافات الفرعية المذهبية عند إصدار الأحكام والفتاوى.

وقد ورث الملك محمد السادس هذه السنة عن أجداده، تَيمُّنا بالقرآن الكريم وتبركا بأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، طبقا للحديث النبوي الشهير، وجاء فيه: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم إلا ونزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم

الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده»، وهكذا، سار على هذا النهج الصالح بإحياء هذه السنة الكريمة. ويبقى أهم تحول شهدته الدروس الحسنية في عهد الملك محمد السادس، ذاك المتمثل في إشراك المرأة المغربية العالمة في هذه المجالس، بجانب شقيقها الرجل، إذ اعتلت المرأة العالمة لأول مرة المنبر الحسني، سنة 2003، في شخص الدكتورة رجاء ناجي مكاوي، أستاذة بكلية الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومنذ ذلك الحين، توالت الخطيبات والعالمات المغربيات على منابر الدروس الحسنية لإلقاء الدرس الديني أمام جلالته، وبحضور كبار الفقهاء والعلماء، وهو ما اعتبر بحق، منعطفا كبيرا في المسار العلمي للمرأة المغربية، واعترافا جميلا بقدراتها على الإدلاء بمعارفها في مجال الفقه والعلوم الشرعية. ويجمع العلماء على أن هذه الدروس تمثل نبراسا وعلامة مضيئة في زمن يمر منه العالم الإسلامي والعربي بتحديات وتعثرات تحتاج إلى سلوك سياسي وديني يقوم على الحكمة والروية ولغة الصفاء والمساواة، وهي دروس أراد من خلالها أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس ترسيخ مكانة العلماء والفقهاء، والحرص على أن يكون دورهم فعالا في تحصين مبادئ الدين الحنيف من الانحرافات العقدية والفكرية.