Wednesday 30 April 2025
سياسة

أبي الزمزمي: من الأجدر للموظفين قضاء الصلاة بإداراتهم، لأن مصالح الناس أهم من الصلاة

أبي الزمزمي: من الأجدر للموظفين قضاء الصلاة بإداراتهم، لأن مصالح الناس أهم من الصلاة

عند حلول كل رمضان تطرح من جديد أخلاقيات التدين في المجتمع المغربي، وذلك على ضوء المقاصد الكبرى التي أحاطها التشريع الإلهي بفريضة الصيام. وبهذا الخصوص تفيد كل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بأن جوهر المقاصد هو الإمساك عن كل الشهوات، وعن كل الأعمال التي من شأنها أن تلوث لسان المرء وسلوكه اليومي. من هنا تطرح الأسئلة حول ما إذا كان تدين الأفراد والمجموعات يهتدي بجوهر النصوص الدينية (آيات قرآنية وأحاديث نبوية)، أم أنه يلتف حولها ليجعل التدين مجرد «لباس الراهب»، أي مجرد قناع يخفي الجوهر الخبيث في الإنسان، ومن ثم تتفجر تناقضات الظاهر والباطن في سلوك المغاربة؟

"أنفاس بريس"، وتعميما للفائدة، تعيد نشر سؤال "كيف أصبح رمضان أكثر الأشهر نفاقا بالمغرب؟"، والذي وجههته أسبوعية "الوطن الآن" لفعاليات مدنية وحقوقية وأئمة وباحثين في الحقل الديني. وفي ما يلي وجهة نظر أبي الزمزمي، إمام جامع هدي الرسول بطنجة:

"الثقافة الموجودة في المجتمع هي أبعد ما تكون عن الثقافة في المجتمع الإسلامي، وهذه الثقافة رسمت منذ أكثر من مائتي سنة من خلال المؤتمرات التي وقعت في اليونان وغيرها، والتي كان من نتائجها سيادة ثقافة لدى المسلمين هي أبعد عن الإسلام، فحتى المعاهد التي يسمونها دينية مثل القرويين والأزهر فيها ثقافة لا تمت بصلة لسلوك المسلم، بل تلقي معلومات فقط عن الديانة الإسلامية. والآن المدارس كلها لا صلة لها بالثقافة الإسلامية. وأعطيكم مثالا هنا بطنجة، ففي رجب وشعبان الناس يتوقفون عن الصلاة نهائيا استعدادا لرمضان، وهناك أشخاص يتناولون الخمور في رمضان، علما أنه في الأجيال السابقة كان الأشخاص الأميون يحترمون الأشهر الحرم (رجب، شعبان، رمضان) ويحترمون المشاعر الإسلامية، وهذا المعطى لم يعد له وجود. ودورنا في المساجد لا صلة له بالمجتمع الذي تلقى تكوينا منذ الصغر بعيدا عن الثقافة في المجتمع الإسلامي، ولهذا فأكثرهم يتعاملون مع الذهاب إلى المسجد كمجرد تسلية لا أقل ولا أكثر، يصلي ركعتين أو ثلاث أو أربع ثم يذهب إلى حال سبيله.. إنها مجرد عادة بالنسبة إليه.

وفي ما يخص مضامين ما يقدمه الخطيب، فإذا حدث تناغم بين ما يقوله الخطيب وهواه فإنه يشيد بالخطيب، وإذا ما حدث العكس اعتبر الخطيب متشددا ومتنطعا، وذلك بحكم الثقافة التي ترسخت في ذهنه من المدرسة إلى الجامعة التي ليست لها صلة بالدين فالدين بالنسبة إليه هو الصلاة والصيام مثل الكنيسة لدى النصارى.. والحال أن النصارى أفضل حالا من المسلمين، فهم متمسكون بالأخلاق والآداب، أما المسلمون فقد ابتعدوا عن الأخلاق والدين واعتبروا الدين هو الصوم والصلاة.. وفي هذه الحالة فرمضان يتحول إلى مجرد عادة.. ومقابل هذا الحرص على صوم رمضان نجد أن الصلاة لا تحظى بأية أهمية لدى عدد هام من الناس مع أن الصلاة أهم من الصيام.

وفي ما يتعلق بالخيانة في العمل في شهر رمضان، فهذا يعود إلى غياب الوازع الديني. وكي أكون واضحا فالإدارات المغربية تعاني من ضعف العطاء خلال مختلف شهور السنة وليس فقط في رمضان. وبالتالي فتغيب الموظفين في شهر رمضان عن العمل ناتج عن العجز فقط نتيجة الصيام، علما أن هناك أشخاصا يفضلون العمل في رمضان لتمضية الوقت، وأنا أعرف أشخاصا متدينين يتركون عملهم في الإدارات ويأتون للمسجد من أجل الصلاة مع الجماعة، فأنبهه إلى أهمية الانضباط في العمل باعتباره رئيس قسم معين، إذ قد يأتي مواطن في حاجة إلى رخصة ولا يجد المسؤول، فهذا ظلم، والأجدر بمثل هؤلاء أداء الصلاة في مقرات عملهم من أجل قضاء مصالح المسلمين. فمصالح الناس أهم من الصلاة. وأعتقد أن ضعف العطاء في الإدارات ناتج عن غياب الحوافز المادية والمعنوية وهو الأمر الذي يتسبب في تراجع عطاء الموظفين.

وأعتقد أن هذه ظاهرة ارتياد المساجد خلال شهر رمضان فقط، وإن كانت غير مقبولة شرعا، علما بأنها ضد مصلحة الإنسان الدينية، فهي من جانب آخر فيها خير فهي تكشف أن الوازع الديني مازال موجودا وأن الناس ما زالوا يتذكرون المسجد، وأن النية قائمة، وأن هذا شهر التقرب إلى الله وشهر الخير وشهر الربح مع الله سبحانه وتعالى".