السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد القادر زاوي: الجهة الشرقية.. منطقة منكوبة

عبد القادر زاوي: الجهة الشرقية.. منطقة منكوبة عبد القادر زاوي

يبدو أن احتجاجات جرادة لم تكن كافية لتعرية هشاشة الجهة الشرقية، والتعبير عن ضراوة الاحتقان ومرارة الحرمان اللذين تعيشهما، فجاءت إضرابات سائقي النقل الصغير في عاصمة الجهة وجدة وبقية الحواضر فيها لتكشف احتضارها البطء الناجم عن تضاؤل الاهتمام الوطني بها، وجحود جيرانها الذين كانت لهم في الماضي القريب مأوى ومؤونة لن يستطيع أي إنكار أن يمحوهما من ذاكرة التاريخ المشترك بين البلدين.

لقد وصل السكين إلى العظم، لم تعد هنالك وسائل أخرى للتحايل على قساوة الحياة وشظف العيش. هذا هو مضمون رسالة الاحتجاج في جرادة التي شكلت من قبل قاطرة للتنمية الصناعية والمنجمية في الجهة الشرقية من المملكة، ثم تنكر لها الجميع، وفي تندرارة، حيث يتحالف الفقر وقساوة الطبيعة ضد الإنسان في منطقة واعدة من حيث استكشافات الغاز، ناهيك عن ثروتها الطبيعية في تربية الماشية وإمكانية تطوير استغلال نبات الحلفاء المطلوب على الأقل في صناعة الورق.

إن إضراب عمال النقل الحضري الصغير لا يمكن النظر إليه من زاوية  كونه حركة مطلبية، وإنما يجوز اعتباره إدانة شعبية عارمة لحكومة بدا منذ الوهلة الأولى لتشكيلها، ومما جرى من مناورات حول ترقيعها أنها تفتقد إلى القدرة والكفاءة في التجاوب مع الانتظارات، ما عدا الاختباء وراء بعض وجوهها الباحثة عن تلميع نفسها باستخدام "س" و"سوف"؛ حكومة أولت الاهتمام لتغطية إفلاس أو تفليس قناة تلفزية أكثر من الالتفات إلى احتضار جهة بأكملها.

ولا شك في أن الحل الذي جرى تمريره مع سائقي النقل الحضري الصغير في وجدة من خلال تحميل الزيادات المقترحة لكاهل المواطنين هو أبلغ تعبير عن الاستهتار والعجز اللذين تتعامل بهما الحكومة مع المطالب الاجتماعية التي تزداد احتقانا وتمددا ترابيا يوما بعد يوم، وعن عدم قدرتها على ابتكار أساليب خلاقة لمعالجة الاختلالات القائمة والمتفاقمة.

وأمام معطيات كهذه يغدو التساؤل مشروعا وملحا عما سيحمله رئيس الحكومة من حلول في زيارته المرتقبة للجهة الشرقية التي سئمت الوعود من طينة ما حمله من قبل عضوين حكوميين أحدهم من العيار الثقيل.

إن الجهة الشرقية بأنفة أهلها وكبريائهم لا تنتظر منة ولا شفقة، وإنما تطالب بحقوقها من خلال برامج تنمية عملية، وليست إنشائية تختفي وراء الصيغ الفضفاضة والمصطلحات الرنانة من قبيل "الجهوية المتقدمة" التي ثبت على أرض الواقع انها ليست جهوية فعلية وليست متقدمة، وإنما مجرد هيكلة إدارية فارغة المحتوى، الحل والعقد فيها بيد السلطات المركزية.

تحتاج الجهة الشرقية إلى شجاعة إعلانها منطقة منكوبة تعطى لها الأولوية في كافة مشاريع وميزانيات الدولة، والتعامل معها في الظرفية السياسية الراهنة كمنطقة حدودية، كما تعامل جهات الصحراء المغربية. فهل ترتقي الحكومة إلى هذا المستوى؟

من أطرف ما يردده السيد رئيس الحكومة المغربية تعبيرا ربما عن عدم القدرة أو عدم الرغبة أو لمجرد التهرب من تحمل المسؤولية مقولة مفادها "أن المخزن يسلفك الفرس ولا يعطيك إياه"، ولهذا فإن الجهة الشرقية في حاجة إلى الفارس الأصيل وليس إلى فارس مؤقت.