الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

مصطفى أيت علال: حكومة إطفائي يواجه الحريق بدون ماء

مصطفى أيت علال: حكومة إطفائي يواجه الحريق بدون ماء مصطفى أيت علال

أحالت جريدة " أنفاس بريس " أسئلتها على مجموعة من الفعاليات السياسية والنقابية والحقوقية والمدنية حول الأزمة الاجتماعية المتشعبة التي يعيشها المجتمع المغربي، والعجز الحكومي البين في تدبير الاختلالات التي تعرفها مجموعة من القطاعات العمومية، ينضاف إليها أزمة حوار اجتماعي متوقف في ظل هجوم كاسح على جيوب المواطنين وعلى حقوقه، وتنامي الحركات الاحتجاجية بالمغرب؟.

 كيف تقرؤون هذه الوضعية المتأزمة أمام تجميد وتنويم الفاعل السياسي والنقابي التقدمي/ اليساري؟ ما هي انعكاسات ذلك على مستقبل العمل الحزبي والنقابي والحقوقي؟ كيف يمكن تدارك هذه التراجعات وإعادة التقة في العمل السياسي والنقابي ؟ نبسط للقراء ورقة الفاعل الجمعوي الأستاذ مصطفى أيت علال.

"الاحتجاجات التي تعرفها عدة مدن مغربية، والضحايا الذين يسقطون بحثا عن الخبز في طوابير المساعدات والتهريب، وأغوار الفحم، كافية وحدها للتعبير عن الأزمة الاجتماعية التي تتخبط فيها البلاد، وتغني التحليل عن الاستناد إلى مؤشرات التنمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط أو عن القطاعات الحكومية. بل وتعفي من التشخيص الدقيق لوضعية الخدمات العمومية والتشغيل والأجور والأسعار.

فالاحتجاجات هي ما تبقى للمواطن بعد نفاد صبره وانسداد الآفاق، والحكومة لا تتحرك بالإجراءات الاستباقية التي تستشعر المخاطر قبل وقوعها، حتى ظهرت غير فاعلة بل صاحبة رد فعل على هذه الاحتجاجات. ورد فعلها كرجل إطفاء لا يملك الماء لمواجهة الحريق. وبالموازاة مع ذلك فإن الجماعات الترابية لا تبادر بالانخراط الحقيقي في معركة التنمية المحلية. والقطاع الخاص لم يستثمر إمكانياته المالية الضخمة لتطوير الاقتصاد وتسريع وثيرة النمو.

الحكومة تبدو للمغاربة عاجزة، ولذلك يتوجه الكثير من المحتجين بالشارع أو الغاضبين على صفحات التواصل الاجتماعي إلى طلب الاستنجاد بالملك لحل مشاكلهم، مما يطرح سؤال صلاحيات الحكومة، والغاية من الدستور. بل ومستوى الوعي السياسي للمواطن.

إن الاستنجاد بالملك هو تعبير عن فقدان الثقة في الحكومة وفي المؤسسات المنتخبة وفي الأحزاب السياسية والنقابات، وفقدان الثقة عاشتها عدة دول ديمقراطية بداية القرن الماضي بأوروبا الغربية مما شجع على انتعاش التنظيمات المتطرفة والعنيفة التي لا تؤمن بالتعددية السياسية، ولا بقواعد الديمقراطية، وأدى ذلك إلى انتشار الفوضى وتقويض الاستقرار، بل وأدى إلى ميلاد الأنظمة الدكتاتورية. وفي 2011 انفجرت ثورات الربيع العربي ومازالت مستمرة حتى اليوم.

ومن مظاهر العجز وغياب المبادرة أو النظرة الاستراتيجية للحكومة والأحزاب السياسية هو ما استنتجه المتتبعون من خلال دعوة الملك من داخل قبة البرلمان إلى إعادة النظر في "النموذج التنموي". مما يطرح سؤالا عريضا حول مصداقية البرامج الحكومية.

ومما يزيد من تفاقم اليأس هو تنصل الحكومة منذ ولاية بنكيران من تنفيد اتفاق 26 أبريل 2011 ومن انتزاع العديد من المكتسبات التي كانت تتمتع بها الشغيلة، ومن تجميد الأجور والزيادة في الأسعار وإفساد التقاعد. وهذا اليأس الذي تشعر به الشغيلة ينضاف إلى اليأس الذي تعيشه العامة من المغاربة سيؤثر على مستقبل الديمقراطية والاستقرار بالمغرب.

إنه من الصعب إقناع المغاربة بالذهاب إلى مكاتب التصويت بكثافة مستقبلا، ما لم يلمسوا أن الانتخابات فعلا تصلح أحوالهم، وما لم يتخلى المنتخبون والوزراء عن الريع السياسي، وسنرى تراجعا في نسبة التصويت وسيؤثر ذلك على صورة المغرب بالخارج وخاصة عند المستثمرين.

ولذلك ورغبة منها في تحسين النسبة ستغض الدولة الطرف على استعمال المال والدين مرة أخرى لاستمالة الناخبين. وسنكون من جديد أمام انتخابات مغشوشة لا تمكن بلدنا من الدخول إلى نادي الدول الديمقراطية.

قد تنتعش بعض قوى المعارضة ومنها اليسار من حيث الخطاب لكن لن تكون لها القدرة على الاستقطاب الجماهيري الذي يبني القواعد التنظيمية ويجني الاصوات الانتخابية، مادام مستوى الثقة قد وصل إلى وضع كل الاحزاب في سلة واحدة حتى في صفوف النخبة.".