السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: حقيقة ما جرى في القمة الإفريقية

نوفل البعمري: حقيقة ما جرى في القمة الإفريقية نوفل البعمري

انعقدت هذا الأسبوع القمة الإفريقية التي استغلها خصوم المغرب أولا لاستغلالها قصد محاولة النيل من المغرب ومحاولة استصدار قرار يدينه وينحاز للجبهة، حيث عمد المفوض الجزائري إلى آخر دقيقة لتمرير بيان يتضمن نفس النقط التي تضمنها تقرير الأمم والسلم، خاصة منه الفقرة 119 منه الذي كان قد أعده الجزائري إسماعيل شرقي.. وهو المشروع والمسودة التي عمد جمهور البوليساريو، خاصة منهم الموجودين بالمغرب، إلى الترويج له على أساس أنه صادر عن القمة وأنه هو نفسه البيان الختامي بها، مستغلين وسائل التواصل الاجتماعي في ذلك، مما خلق نوعا من البلبلة والتشويش في صفوف العديد من المهتمين والمتابعين للملف، خاصة بعد عودة المغرب القوية والمشرفة للاتحاد الإفريقي، مما زاد من حجم هذا التشويش هو ضعف الرد على هذه الدعاية، حيث يعد النشطاء على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي المغاربة المتخصصين في الموضوع على رؤوس الأصابع مقارنة مع حضور الخصوم وحركيتهم.. أضف لذلك ضعف التواصل الحكومي في الموضوع، حيث تم الاكتفاء بتصريح مقتضب لوزير الخارجية لم يكن كاف لتوضيح ما حدث للمغاربة، واستبيان حقيقة الخلط الذي تم إيقاعهم فيه في ظل حملة منسقة ومنظمة انطلقت يوم الأحد مساء، وطيلة يوم الاثنين الماضيين، قبل أن يكشف رئيس المفوضية الإفريقية محمد موسى فقي، الذي أعلن على أن "قمة يوليوز الماضي تمت المصادقة فيها على قرار 653 الذي يطلب من رئيس المفوضية ورئيس الاتحاد الإفريقي التشاور مع الطرفين ومع الأمم المتحدة والقادة الأفارقة من أجل الإسهام في تقدم الملف"، حيث لم يتم الحسم في أي شيء وتم تأجيل الموضوع للقمة المقبلة، التي ستنعقد في يوليوز المقبل بموريتانيا. بمعنى ألا شيء حسم، وألا شيء يستدعي احتفاء الجبهة. بل على العكس من كان عليه الاحتفاء هو المغرب الذي حاز على أغلبية الأصوات قصد انتخابه في مجلس السلم والأمن الإفريقي، حيث حصل على 39 صوتا.

والجديد الذي أفزع خصوم المغرب هو أنه لم يكن هناك أي صوت ضد المغرب، بل الأصوات التي كانت تصنف سابقا على أنها مناوئة للمغرب قامت بالامتناع عن التصويت، وهناك فرق كبير بين الاثنين والموقفين، مما دفع خصوم المغرب إلى استشعار الخطر، وأن هناك مياها كثيرة تسربت في أجهزة ورأي القادة الأفارقة بهدوء بفعل الخطاب الذي قدمه المغرب منذ اليوم الأول على لسان العاهل المغربي الذي أكد على كون عودة المغرب للاتحاد الإفريقي لن تكون سببا في إحداث انشقاق داخله، بل على العكس ستكون مناسبة لتجديد خطاب الاتحاد الإفريقي وتوجهه بشكل يعكس رغبة الشعوب الإفريقية في التحرر والديموقراطية والتنمية.. إن هذا الانتخاب بالشكل الذي حدث تسبب في هذه الحملة وفي اختلاق بيان لم تتم المصادقة عليه أو تبنيه كبيان ختامي للقمة، ذلك للتشويش على المستوى الداخلي.. ثانيا للتغطية داخل المخيمات على هذا الانتخاب وإيهام الساكنة الصحراوية بنصر كاذب لم يتحقق، ولم تكن المرة الأولى التي اتجهت فيه الجبهة هذا الاتجاه.. فمعركة الكركارات التي انتهت بإدانة الجبهة أمميا تم التسويق لها من طرفهم داخل الجبهة على أنها إعادة انتشار.

ما حدث من مناورات دبلوماسية، علنية وسرية، مباشرة وغير مباشرة، كلها تؤكد أن عودة المغرب لن تكون نزهة في أدغال إفريقيا، بل هي على العكس من ذلك، المغرب يعود وخصومه استغلوا غيابه ليصدروا حوالي 350 قرار وتوصية ضده. إذن هي معركة يومية انطلقت من اليوم الذي وقعت فيه أغلبية الدول على بيان تعلن فيه عن دعمها لهذه العودة التي انتهت بالصورة التي أخذها الملك مع رئيس جنوب إفريقيا، التي أعلنت عن عودة الدفء للعلاقة بين البلدين.. وهي كلها خطوات تسحب البساط بشكل تدريجي من تحت أقدام خصوم المغرب على رأسهم الجزائر في أفق أن يلعب الاتحاد الإفريقي دوره الطبيعي في إحلال السلم بإفريقيا لا أن يكون أداة في يد البعض لمواجهة باقي الدول الإفريقية.

إن جوهر الصراع بين المغرب والجزائر حول موقع الاتحاد الإفريقي في هذا الصراع المفتعل وقد يكون هذا جزء من النقاش الذي جرى أثناء زيارة المبعوث الشخصي للأمم المتحدة للمنطقة ولبعض الدول الإفريقية، هل سيكون كما تدفع بذلك الجزائر فوق الأمم المتحدة وقراراتها وتوجهها في إيجاد حل سياسي متفاوض بشأنه يميل مع مرور الوقت إلى تطوير مبادرة الحكم الذاتي، خاصة وأن هناك تراكم تستغله الجزائر على مستوى القرارات السابقة للاتحاد الإفريقي الصادرة ضد المغرب ووحدته الترابية، أم أن يحترم موقعه كمنظمة قارية تأتي هرميا تحت الأمم المتحدة التي تظل صاحبة الاختصاص للنظر في الملف وأن الاتحاد الإفريقي دوره الاساسي هو تسهيل عمل الأمم المتحدة واحترام قراراتها ورؤيتها لحل هذا النزاع المفتعل والتطور الكمي والنوعي الذي شهده الملف في مجلس الأمن.