أثارت استضافة مؤسسة "المشروع " التابعة لحزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عبد الإله بنكيران في أحد أنشطتها الفكرية ليلة أمس بمقر الحزب بالرباط جدلا قويا بين أسرة الاتحاديين وصل إلى حد محاصرة بعضهم بنكيران ومنعه من ولوج قاعة المؤسسة.
"أنفاس بريس" اتصلت بالأستاذ محمد كرم، المحامي بهيئة الدارالبيضاء، العضو السابق بالمكتب السياسي لحزب الوردة، والعضو الحالي للجنته الإدارية ، وأجرت معه الحوار التالي :
ماهي قراءتك للحدث الذي يبدو جاء خارج السياق في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن ضرورة وحدة اليسار ؟
من الناحية المبدئية أعتقد أنه مادام بنكيران قد استدعي من طرف الحزب، فيجب أن لا يتم عرقلة دخوله إلى مقر الحزب، ومن ناحية أخرى اود أن أذكر بأنه لم تعد لي علاقة مع قيادة الحزب،وعلقت مشاركتي في أنشطته رغم عضويتي باللجنة الإدارية ولكن مع ذلك في رايي أن هذه ندوة فكرية نظمها الحزب عن طريق مؤسسة "المشروع "التي أسسها المرحوم المناضل مصطفى القرشاوي، وكانت مجلة المشروع في وقتها تشكل رافدا من روافد الفكر التقدمي الحداثي، و توقفت المجلة للأسف عندما تخلى الحزب عن الاهتمام بالجانب الفكري والثقافي والذي اعتبره أساسيا كإطار مجدد للمصالحة الدائمة مع مثقفي الحزب ومع المثقفين التقدميين والديمقراطيين في المغرب ككل، إذن فهذه المؤسسة إذا استدعت عبد الإله بنكيران اليوم، سواء بصفته رئيس حزب "البيجيدي"، أو كرئيس الحكومة فليس مفهوما أن توضع في وجه الضيف العراقيل لمنعه من دخول المقر و يستدعي ذلك تدخل الأمن بدعوى ارتباط بنكيران بملف عمر بنجلون ، وبالتالي لم يكن ضروريا استدعاؤه أصلا من طرف الإخوان المنظمين إذا كانوا مقتنعين بهذا الاعتقاد ، وأذكر هنا أننا كنا وجهنا في ذكرى 40 عاما على موت عمر بنجلون الدعوة إلى الأمين العام للبيجيدي والذي إن لم يحضر فقد مثل الحزب رئيس المجلس البلدي الذي قدم لنا العديد من المساعدات، وقد كنت مسؤولا عن تنظيم هذه الذكرى بمسرح عبد الرحيم بوعبيد بالمحمدية والقيت خلال الذكرى عدة عروض قيلت فيها أشياء كثيرة مهمة كما تابع العروض أيضا مسؤولون من البيجيدي أعضاء سابقين في الشبيبة الإسلامية وسمعوا ما جاء فيها من نبش في تاريخ الحركة الإسلامية في المغرب والشبيبة الإسلامية بالضبط ومدى مسؤوليتها وتورطها في اغتيال عمر بنجلون، كما أنه وللتاريخ تجدر الإشارة بأني شاركت في محاكمة منفذي الاغتيال بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء سنة 1988 وعندما صدرت الأحكام حضوريا وغيابيا على المتابعين قامت مظاهرة للشبيبة الإسلامية تحتج على الأحكام أمام محكمة الاستئناف التي كان مقرها آنذاك بالأحباس وكان عبد الإله بنكيران من متزعمي المظاهرة وتم اعتقاله وحكم عليه بـ3 أشهر وهذه الواقعة مؤكدة لا يمكنه إنكارها ، وأسجل أنه عندما اغتيل عمر بنجلون في 18 دجنبر1975 كان بنكيران يقول بأنه كان وقتئذ اتحاديا وفي الشبيبة الاتحادية وقد أكد هذا إدريس لشكر نفسه في لقاء له، مؤخرا، إذن فإذا كانت مشاركة بنكيران في المظاهرة المذكورة ثابتة وإذا كانت علاقة الشبيبة الإسلامية ومؤسسوها عبد الكريم مطيع و ابراهيم كمال بجريمة الإغتيال ثابتة كذلك فإن عددا من الاتحاديين ومن الشبان يعتبرون بنكيران من المتورطين معهم في حين يجهلون أنه لم يلتحق بالشبيبة الإسلامية إلا حوالي 1978 واسم بنكيران، حسب الملف الذي اطلعت عليه جيدا، غير وارد في جريمة الاغتيال.
كيف يمكن أن يحصل التقارب بين حزب الإتحاد الإشتراكي وحزب العدالة والتنمية في وقت تباعد بينهما المرجعيات التاريخية والإيديولوجية ؟
القيادة الحالية للحزب ينتظر منها كل شيء، وهي قيادة تقول بأنها تتميز على القيادات السابقة باعتمادها على المؤسسات
لكن من بين المؤسسات الرئيسية نجد برلمان الحزب الذي هو اللجنة الإدارية وهذه المؤسسة لم تنعقد منذ شهر يناير !! اهذا هو حزب المؤسسات الذي تزعم القيادة ؟ إن برلمان الحزب ينبغي أن يجتمع كي يقرر التحالفات التي يريدها سواء مع البيحيدي أو مع للبام أو أي حزب آخر باستثناء التوجهات الكبرى التي تم إقرارها في مؤتمرات الحزب المتعلقة بدائرة التقدميين ودائرة اليسار فالتحالف مع هذه الدوائر (ما فيها كلام ) أما خارج ذلك ينبغي أن يقرر ذلك البرلمان ومؤسسات الحزب، وقد سبق أن تحالف لشكر مع البيجيدي في الجهات في تطوان وفي الجنوب وغيره وبالتالي يمكنه إعادة التجربة.
إذن معنى هذا أنه في إطار مثل هذه التحالفات يتم إلغاء مسألة الخلاف الإيديولوجي بين الحزبين ؟
إن الاستدعاء للحضور الموجه للبيجيدي في إطار فكري يبقى شيئا محمودا ولا يمكن اعتباره مؤشرا على التحالف بين الحزبين لأن المنظمة لهذا النشاط مؤسسة فكرية ثقافية وقد سبقتها مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد في استدعاء البيجيدي في العديد من المرات في مناسبات مماثلة وشيء إيجابي أن يكون مثل هذا التدافع في الأفكار ولكن أن تهدف من وراء ذلك القيام بخطة سياسية كالتحالف أو التنسيق قبل أو بعد الانتخابات فهذا شأن تقرره مؤسسات الحزب وليس المكتب السياسي.