Tuesday 29 April 2025
سياسة

فوضى الصحافة الرقمية

فوضى الصحافة الرقمية

العديد من المنظمات الدولية تعتمد في تقاريرها على ما يتم نشره في الصحافة الرقمية. فمن كثرة التسابق على السبق في النشر طبعا لا يتم التحقق من الأخبار في غالب الأحيان باستثناء بعض المواقع، التي تشتغل بشكل احترافي ومهني. لكن هذه المواقع تنسى أنها تصبح مصدرا لتقارير دولية تسيء للمغرب.

الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط اضطر لإصدار بيان حول ما نشرته الكثير من المواقع الرقمية حول مواطن فرنسي تم اعتقاله حالة قدومه من فرنسا. هذه المواقع تبنت ما دونته زوجة هذا الأخير على الفايسبوك. الموضوعية والمهنية تقتضي الحصول على وجهة النظر الأخرى ومعرفة الحقيقة كاملة، لكن هذه المواقع اكتفت بترجمة ما كتبته زوجة هذا المعتقل ولم تكلف نفسها عناء التحري في الموضوع.

المواقع المذكورة نقلت كل ما ذكرته هذه السيدة والتي قالت إن زوجها تم اعتقاله لحيازته أسلحة بيضاء مخصصة لقطع اللحم وأنه تم اعتقاله لمدة 13 يوم. لكن هل الحقيقة هي هذه. الوكيل العام يقول إنه كان يتحوز أسلحة متنوعة من بينها بندقية غازية وهراوة حديدية وقنبلة مسيلة للدموع ومعدات شبه عسكرية وأنه لم يتجاوز مدة الحراسة النظرية المحددة في 288 ساعة.

هذه الصحافة نفسها زعمت أمس أن الأمن بمراكش اعتقل عشرات القاصرين بعد شكاية من زوجة سفير دولة أجنبية، وهو الخبر الذي تبين أنه عار من الصحة بتاتا، وأنه مجرد إشاعة.

ماذا يقع في هذه الحالة؟ نادرا ما تقوم المواقع المذكورة بإصلاح الأعطاب. وفي غالب الأعم أنه إذا شعرت بالإحراج تقوم بحذف الخبر مثلما حدث مع مرض الجنيرال بوشعيب عروب حيث زعمت مواقع ذات صيت وفاته وتبين أن الخبر كاذب، وهو ليس من الأخبار السهلة ولكن ذات الحساسية الكبيرة، وقامت بحذف الخبر دون الاعتذار للقارئ استهانة بذكائه.

المنظمات الحقوقية الدولية ليس لديها الوقت الكافي لتتبع كل ما يكتب حول العالم. وبالتالي عندما تسقط عينها على خبر اعتقال مواطن فرنسي وتعذيبه وغيرها من التهم تدونها. إذا كانت موضوعية فإنها تعود إلى بيان الوكيل العام وتضيفه إلى الموضوع الأول وأغلبها مغرض ومتواطئ ضد المغرب، فإنها لا تكلف نفسها عناء البحث في التوضيحات اللاحقة.

لهذا وفي سياق مناقشة قانون الصحافة والنشر لابد من إيجاد حل لمعضلة النشر الرقمي، الذي يشكل اليوم خطورة كبيرة على تداول المعلومة، التي تكون لها تداعيات خطيرة وقد تؤدي إلى الفوضى والفتنة في البلاد. فبدل الحديث عن العديد من الإصلاحات لابد من حل هذه المعضلة أولا.

إذا كانت الحكومة تراقب ما تتم كتابته ورقيا وتتابع كل شيء وتعاقب من تريد فإن الفوضى هي عنوان الصحافة الرقمية مع استثناءات قليلة جدا، لكن الفضاء ملئ اليوم بمواقع غريبة تنشر كل ما تقع عليه في صفحات التواصل الاجتماعي ناسية أن الممارسة الصحفية تنطلق من التحقق من صحة المعلومة.