الجمعة 17 مايو 2024
سياسة

جنازة رجل خان الوطن..

 
 
جنازة رجل خان الوطن..

توفي محمد عبد العزيز الركيبي المراكشي المولد بعد أربعين سنة من قيادته لجبهة البوليساريو الانفصالية، وفي الموت تنتهي الخصوصيات، ويتساوى قائد الانفصال بالصحراوي المغلوب على أمره المحتجز في مخيمات تندوف، التي أقامتها الجزائر فوق أرضها طبقا لتوصية الرئيس الجزائري الراحل الهواري بومدين الذي دفع إلى خلق مشكل للمغرب في الصحراء الغربية حتى لا تتطلع عيونه للصحراء الشرقية كما أورد الوزير الجزائري حسين مالطي في كتابه "القصة السرية للبترول الجزائري".

اليوم انتهى الرجل وسيعلن الفقيه عن جنازة رجل. جنازة رجل مجردة من كل الألقاب. الأمين العام لجبهة البوليساريو ورئيس الجمهورية وغيرها من الألقاب هي اليوم بيد الجزائر تحدد لها من يشغلها، أما الرجل فعند الله. انتهى كل شيء ليرقد في قبر أبدي. وبقدر ما صنع القلاقل للمغرب وهو حي "يصر" أتباعه والمخابرات الجزائرية على أن يخلق القلاقل وهو ميت وذلك من خلال دفنه في المنطقة العازلة بير لحلو.

للموت في المجتمع الصحراوي طقوس وتقاليد مختلفة. ونتمنى أن يكون الموت، هذا الحدث المؤجل لدى كل إنسان، عنصرا للتأمل والتوبة. نعرف أن الصحراويين يعزون بعضهم البعض حتى لو اختلفوا. هذا العناق الاجتماعي يمكن أن يتحول إلى عناق سياسي لإنهاء الأزمة التي يؤدي ثمنها الصحراوي البسيط المحتجز في المخيمات وتؤدي ثمنها العائلات التي تعاني من فراق ذويها لمدة طويلة.

يكفي أن محمد عبد العزيز المراكشي مات بعيدا عن وطنه، وبعيدا عن والده المقيم في مدينة الفقيه بنصالح، وبعيدا عن أشقائه الموزعين في المغرب ويتولون وظائف رسمية، وبعيدا عن أبناء أشقائه الذين لم يروه إلا في الصور التلفزية والرقمية وصفحات الجرائد.

الوطن أكبر من أي رابطة أخرى. لكن عندما نضع الأمور أمام المنطق. لكن هناك العاطفة. عاطفة الأب والأم والأخ والقريب. ولا يمكن التحكم فيها إلا بشكل رهيب. ووفاة عبد العزيز هي نموذج للمأساة التي خلقتها القوى الإقليمية والدولية في مراحل تاريخية معينة، لم يعد هناك أي داعٍ لاستمرارها.

أربعون سنة من الانفصال. أربعون سنة من تعطيل التنمية في المغرب العربي والمنطقة. لقد فوتت الأزمة على هذه الدول فرصا كبيرة للتنمية والتعاون الاقتصادي والتجاري وفوتت عليها فرصة أن تكون قوة في زمن لا يقبل الدول الصغيرة والضعيفة.

ماذا ربح الرجل ومن معه من 43 سنة من الحرب ضد وطنهم؟ ربحوا الجاه والألقاب وخسروا تراب الأرض. أعطوا للجزائر ورقة تناور بها ضد المغرب. أربعون سنة من الإبعاد والاحتجاز تم فيها ولادة جيل نشأ بعيدا عن وطنه.

اليوم بعد وفاة زعيم الانفصاليين لابد لعقلاء الصحراء وكبارهم من الوقوف في وجه هذه الكارثة، ولينظروا إلى ما تحقق في المدن الصحراوية اليوم التي تحولت من رمال متحركة إلى عمران ومبانٍ أدخلت هذا المجتمع إلى عصر جديد.

فكفى بالموت رادعا.