الجمعة 17 مايو 2024
سياسة

عائشة ادويهي: يجب اعتبار موت عبد العزيز فرصة لمراجعة تاريخية للمسار في إطار المصالحة بين الصحراويين

 
 
عائشة ادويهي: يجب اعتبار موت عبد العزيز فرصة لمراجعة تاريخية للمسار في إطار المصالحة بين الصحراويين

طغى خبر وفاة محمد عبد العزيز، زعيم انفصاليي البوليزاريو ورئيس الحمهورية الصحراوية الوهمية، على كل الأخبار القادمة من الأقاليم الجنوبية.

وبقدر ما كان خبر الوفاة هاما، بقدر ما طرح الخبر سؤالا عريضا حول ما قد يشكله موت عبد العزيز من قطيعة مع مرحلة تميزت بانبطاح قيادة البوليزاريو وانسياقها مع الحكام الجزائريين في افتعال النزاع، وخلق المكائد ضد استكمال المغرب لوحدته وإذكاء النزعة الإنفصالية بشتى وسائل الترغيب والترهيب.

"أنفاس بريس" استقرأت الخبر لدى بعض الفعاليات الصحراوية، فكان لها اتصال مع عائشة ادويهي، رئيسة مرصد الصحراء للسلم وللديمقراطية وحقوق الإنسان بالعيون، فصرحت بما يلي

طبعا نحن نعتبر أن للموت حرمتها. ومن الوجهة الإنسانية نترحم على أمواتنا عملا بقاعدة "اذكروا أمواتكم بخير" كيفما كانت قناعاتهم السياسية والفكرية وغيرها. هذا أول شيء، وبالنسبةلوفاة عبد العزيز فهذا أمر لم يكن مفاجئا لأنه كان يعيش في وضع الموت البطيء نظرا لظروفه الصحية. كما أن كل السيناريوهات كانت قد أعدت مسبقا لضبط الأجواء داخليا وتماشيا مع رغبات الجزائر المعبئة الرسمية  للبوليزاريو.

وفي سؤال حول المناورة التي كشفت عنها الأحداث بشكل سريع، والمتمثلة في الإعلان على أن عبد العزيز من مواليد سمارة، وأن دفنه سيتم في منطقة "بير لحلو" وهي المنطقة 'المحررة' حسب زعم البوليزاريو، والتي زارها بان كي مون في خرجته المعلومة. أجابت الناشطة الجمعوية بأن المناورة طبعا تشمل حتى طقوس الموت بمواراة جثمان المتوفى الثرى في المكان الذي يختارونه ويناسب أغراضهم.  وكل ذلك ستكون له دلالات ورسائل مشفرة أو واضحة يتم بعثها للمغرب ولدول الجوار المتدخلة في  الصراع بشكل مباشر أو غير مباشر. ونعلم  بأن عبد العزيز قبل موته كان يدير الجبهة وفي نفس الوقت كان يساير سياسة الجزائر  وإملاءاتها التي ستراعي في بحثها عن البديل والخلف شرطي الولاء لحكام الجزائر واحترام استمرارية السياسة التي ينهجونها، مع  توفر الثقة الكاملة التي ينبغي أن يحظى بها هذا البديل من طرفهم ومباركتهم له.

وأضافت ادويهي بأن قيادة البوليزاريو وحكام الجزائر سيحاولون اغتنام الفرصة من أجل مواكبة ما تم حصده في اﻷشهر القليلة الماضية من التصعيد المكثف لتأزيم الوضع في الصحراء لا غير، وذلك بالإنطلاقة  المقصودة جدا من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حيث سيستغلونها إلى أبعد حد وبأية طريقة. وهذا هو توجههم منذ البداية حتى ولو كان الحدث وفاة في أعلى هرم داخل القيادة. واستغلاله لمحاصرة المغرب في قضيته العادلة. وبالتالي، فالحدث لن يمر بشكل مسالم، وسوف يحرصون خلاله على تجنب ما تنبئه  التوقعات من انتقادات سكان المخيمات، بدءا بموقع دفن الراحل.

 وترى ادويهي بأن هنالك انعكاسات لا يمكن أن ننكرها حول الإنتفاضة التي وقعت في المخيمات عقب إعلان وفاة عبد العزيز، حيث قامت قيادة البوليزاريو بإجراء فوري يتعلق بإغلاق جميع الحدود مع مالي ومع موريطاتيا وغيرها. وكذلك اتخاذ تدابير أمنية جد صارمة بالمخيمات تفاديا ﻷي انقلاب أو تمرد من طرف المعارضة الداخلية. وكانت هذه الإجراءات  قد شرع في بعض منها شهورا قليلة قبل وفاة عبد العزيز تحسبا لكل طارئ، وستعزز بطبيعة الحال خلال الفترة التي سيتولى فيها  خطري الدوه نائب عبد العزيز الرئاسة بصفة مؤقتة في انتظار القيادة الجديدة، خاصة أنه قد سجل خلال المدة الأخيرة داخل المخيمات الكثير من المؤاخذات على تسيير الراحل عبد العزيز، وقد كانت لذلك تداعيات تأزم معها للوضع بشكل كبير، ونتجت عنها أحداث  فقدت معها عناصر كثيرة من قيادة البوليزاريو ثقة ساكنة المخيمات وخاصة في تدبير المساعدات. وكل هذه الأمور كان من الصعب على كل من الراحل  ومن حكام الجزائر التحكم فيها بقبضة من حديد.

وأضافت محدثتنا، أنه إذا كانت المعارضة لم تستطع مع ذلك البوح بأصواتها واحتراما للظروف الصحية للراحل، فإنه ليس هنالك ما يضمن بأن لا تقوم هذه المعارضة بالتعبير عن نفسها بعد وفاته وبكل قوة في هذا الوقت. إذ من المتوقع أن يحدث صراع كبير على منصب الرئاسة وخلف عبد العزيز. فرغم أن الكل يعلم بأن الكلمة الأولى تبقى بيد الجزائر، فإنه مع ذلك  سيطفو صراع حول الشرعية التاريخية بين مؤسسي البوليزاريو. كما ستثار مسألة الناس غير المحسوبين على مناطق النزاع ومشكل ناس ستفرضهم الجزائر والحراك الشعبي الذي اندلع أمس بالمخيمات.

فكل هذه الأمور إذن، تؤكد، توجد في بوتقة واحدة لا نعرف ما ستضيفه عليها الأيام القادمة. وكل هذا سيكون له تأثير نجهل أيضا إلى أين ستتجه به انعكاساته بالمخيمات. ونقول الله هو المعين  أهلنا هناك.

وتختم عائشة ادويهي قائلة بأنه في هذه اللحظة الحاسمة جدا هنالك رسالة نوجهها لأبناء عمومتنا بهذه المخيمات، بأن حدث الوفاة يجب اعتباره فرصة لإحداث مراجعة تاريخية في المسار في إطار المصالحة لإيجاد حل سلمي شامل، والنظر إلى الوفاة من جانبها الإنساني تفاديا لأي انزلاق من شتم وتنكيل بالراحل لأن للموت قدسيتها "واذكروا أمواتكم بخير".