الجمعة 17 مايو 2024
سياسة

الخطوات الأولى لعبد العزيز المراكشي التي ستبعده نهائيا عن والده وعن وطنه المغرب

 
 
الخطوات الأولى لعبد العزيز المراكشي التي ستبعده نهائيا عن والده وعن وطنه المغرب

في بداية سبعينيات القرن الماضي، كان محمد عبد العزيز لا يزال يتابع دارسته الجامعية بالرباط، فيما كانت الجزائر قيد الإعداد للسيناريو الأول لإنشاء حركة البوليساريو. وضمن تفاصيل السيناريو إشراف الدولة هناك على تنظيم المؤتمر التأسيسي لما سمي ب"الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب". ومن تم التحق الرجل بتلك الجبهة تاركا وراءه كل جذوره المغربية، بما فيها عائلته التي لا تزال إلى اليوم تحيا بمدينة قصبة تادلة، وخاصة مناشدة والده محمد البشير الركيبي الذي كان قد قال في حوار ل"الشرق الأوسط" (نشر قبل عشر سنوات)، "أريد منه أن يأتي عندي إلى المغرب لأراه. طال أمد الفراق وأريد لقياه، قبل أن أرحل إلى دار البقاء".

كانت أول خطوة لمحمد عبد العزيز بعد الالتحاق تحمله مسؤوليات عسكرية تحت الإشراف المباشر لقاصدي مرباح رئيس جهاز المخابرات الجزائرية الذي كان يتولى شخصيا تدريب البوليساريو.

الطالب المراكشي يصبح قائدا عسكريا على الشريط الحدودي التي هيأته له المخابرات العسكرية، وينقل عنه محيطه تكتمه وولاءه لمرؤوسيه، وهما السمتان التي ستظلان تطبعان سلوكه العسكري ومواقفه السياسية وعلاقاته بقيادته العليا التي كان يرأسها الولي مصطفى السيد (الأمين العام للجبهة) الذي سيقتل سنة 1976. وهي السنة التي سينتقل فيها محمد عبد العزيز إلى صدارة المشهد ليصبح أمينا عاما للجبهة، وبعدها رئيس ما يسمى "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، وهو المنصب الذي لم يغادره منذ ذلك الحين إلى أن توفاه الله، أمس الثلاثاء 31 ماي 2016، بأحد مستشفيات الجزائر العاصمة.

أربعون سنة ظل فيها عبد العزيز الحاكم العام لجمهورية الوهم حيث واصل قيادة تجربة الانفصال وفق ما يمكن تسميته بـ "Statu quo"، أي منهج التشبث بما يعتبر "دوغما" البوليساريو القائمة على كل اللاءات: لا للتفاوض الحقيقي، لا لتحريك الملف، لا للتجاوب مع كل مبادرات المغرب، خاصة مشروع الحكم الذاتي الموسع الذي حظي بتقدير المنتظم الدولي، بما فيه مجلس الأمن والدول العظمى المؤثرة فيه. ومقابل ذلك ظل متمسكا ب"نعم" واحدة لفائدة فكرة "تقرير المصير". في هذا الإطار يحسب له أنصاره نجاحه في تمتيع جبهته بعضوية منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1985، بفضل التحرك الجزائري، فيما سجل المراقبون الموضوعيون أنه أضاع كل الفرص التاريخية من أجل حل سياسي مقبول لفائدة نهضة المحيط الإقليمي.