الخميس 25 إبريل 2024
في الصميم

حان الوقت لنصوب بنادقنا نحو الجزائر

حان الوقت لنصوب بنادقنا نحو الجزائر

علمنا تاريخ الشعوب أن بعض الضربات الظرفية أو الإخفاقات المرحلية تكون فرصة لتجدد الدولة قواها وتراجع خططها وتضع استراتيجيات ملائمة لتهزم العدو.

التوتر الجديد بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية عقب إصدار واشنطن لتقرير متحامل جدا على المغرب في مجال حقوق الإنسان يمكن اعتباره فرصة ذهبية لصانعي القرار ببلادنا لإعادة ترتيب الأوراق داخليا ودوليا بشأن ملف الصحراء، مادامت هذه القضية هي أصل كل المتاعب التي نواجهها مع الأعداء.

أول درس يجب استخلاصه هو معرفة لماذا تفوقت علينا الجزائر في السنوات الأخيرة وتمكنت من حشد العداء ضدنا. فمن الاتحاد الإفريقي إلى منظمة الأمم المتحدة مرورا بالاتحاد الأوروبي، علينا أن نعترف أننا عانينا كثيرا من دسائس الجزائر ومؤامراتها في المحافل الدولية.

فهل تفوقت علينا بالمال؟ وهل أصلا المال لوحده هو الذي يفسر هذه الاختراقات الجزائرية؟ إن لم يكن الأمر كذلك، فلماذا «انتصرت» علينا الجزائر في العديد من المنظمات الدولية وتمكنت من توجيه رادارات الجمعيات الغربية الحقوقية صوب المغرب بدل أن نكون نحن السباقين لذلك للتشويش عليها؟

فالجزائر لم تكتف بالرشوة فقط، بل استعملت المال بذكاء عبر تواري أجهزتها العسكرية والدبلوماسية إلى الخلف وتمويلها لمكاتب الدراسات ومكاتب الاستشارة والخبرة القانونية بآوربا وآمريكا والتعاقد مع مكاتب محاماة عالمية وخلايا التفكير think-tank وتوجيههم نحو قضايا بعينيها تروم إزعاج المغرب، وطبعا تربط الجزائر تمويل هذه المكاتب والمؤسسات بالنتائج وبكناش تحملات لتحقيق الأهداف. فهذا مكتب تكلفه الجزائر بتدويل قضية استغلال الثروات بالصحراء، وذلك مكلف بجر المسؤولين السامين المغاربة إلى المحاكم العالمية بتهم انتهاك حقوق الإنسان، ورابع يتولى التأصيل والتأطير المفاهيمي لـ «الإبادة» و"الجرائم ضد الإنسانية" المرتكبة من طرف المغرب في حق الصحراويين، وخامس ينشغل بالطابع القانوني La juridiciarisation  للاتفاقات والمعاهدات التي يبرمها المغرب مع الفاعلين في الساحة الدولية، وسادس يطور تقنيات زرع العملاء في الأقاليم الجنوبية واستقطاب الخونة داخل التراب الوطني وهكذا دواليك.

والنتيجة ها هي أمامنا: الاتحاد الإفريقي خرجنا منه، ثرواتنا وخيراتنا أصبحنا ملزمين بالدفاع عنها في المحاكم الأوروبية، وبناؤنا المؤسساتي وهندستنا القانونية ودستورنا يتم تبخيسه من طرف الجمعيات الأمريكية والأوروبية، ليتوج ذلك بتقرير الخارجية الأمريكية الذي ينبغي أن نستحضر خطورته (ليس فقط في كونه طافحا بالمعطيات المغلوطة)، بل في إصداره عقب تقرير الأمين العام الأممي (الذي اختار الانحياز علانية للطرح الجزائري) وبعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي الذي حدد أجل 90 يوما لعودة المكون المدني للمينورسو.

فما الذي يتم طبخه للمغرب وللصحراء عام 2017؟

لسنا في موقع «ضرب الخط الزناتي»، ولكن القرائن تشير إلى أن القادم من الأيام سيكون صعبا ومعقدا، بدليل أن إسرائيل التي تحتل أرضا بالقوة وبالإبادة الجماعية لشعب فلسطين وتمتلئ سجونها بالأسرى من الأطفال والعجزة والنساء وبالاستيطان وغصب أراضي الفلسطينيين، لا تعرف نفس الضغط الذي يواجهه المغرب، علما أنه استرجع أرضه واستكمل توحيد ترابه.

ففي الصحراء المغربية يندر أن تجد مدشرا بدون ماء أو قرية بدون كهرباء أو منطقة بدون ربط طرقي أو تجمعا حضريا بدون صرف صحي أو ميناء بدون أرصفة أو مدارس بدون تلاميذ، فهم «أعداء المغرب» بحثوا عن ذلك ولم يجدوا عيبا، لذلك تراهم «يبحثون عن القمل في رأس القرع» باصطياد هفوة شرطي أو غلطة حارس سجن، والحال أن فرنسا «بقوتها المالية وتاريخها الكولونيالي وبمجدها الاقتصادي والنووي» عرفت في الأسبوع الماضي مظاهرة لرجال الشرطة الذين لم يتحملوا الضغط والإرهاق الناجم عن شروط العمل منذ الأحداث الإرهابية الأخيرة بباريز ومنذ المظاهرات ضد «قانون الشغل» المقرر من طرف حكومة مانويل فالس، علما أن بوليس فرنسا يعمل في تراب غير خاضع للصراع الدولي ويواجهون مطالب اجتماعية بالأساس ويتقاضون أجرا خياليا ولهم قاعات مكيفة لمزاولة الرياضة ويعملون ست ساعات في اليوم ولم يواجهوا الضغط إلا منذ بضعة أشهر، بينما في الأقاليم الجنوبية المغربية يشتغل رجال الأمن المغاربة في منطقة متنازع عليها منذ أربعة عقود ويواجهون تحرشات بيادق مسخرين من طرف الجزائر ومدربين (أي البيادق) على المونطاج وتوضيب الصور في الفيديو لتهييج الرأي العام الدولي ضد المغرب، ومع ذلك يتحمل الشرطي المغربي كل ذلك الضغط ولا يشتكي أو يحتج أو يطالب بأجر زميله بفرنسا، ومع ذلك ما أن يحشر رجل أمن مغربي في «زاوية ضيقة» بالصحراء حتى تتعالى الأصوات بالعالم كله محتجة ومستنكرة بعد أن تكون الجزائر قد فعلت فعلها "المخدوم".

أليس من حقنا أن نطالب الدولة بوجوب تصويب البنادق نحو الجزائر مادامت هي أصل الداء والبلاء؟ أليس من حقنا مطالبة الدولة باعتماد خطة محكمة تروم إغراق المنظمات الدولية (أممية وأوروبية) بالموظفين الدوليين المغاربة أو المغاربة المجنسين بالجنسيات المزدوجة لتكون لنا عيون هناك؟ أليس من حقنا مد الجسور مع مكاتب الدراسات ومكاتب الخبرة والمحاماة العالمية لرد الصاع صاعين للجزائر؟

ثم وهذا هو الأهم، ألم يحن الوقت لنفتح باب المراجعات مع المغاربة الصحراويين الحاملين لجينات الانفصال لإقناعهم وإدماجهم ببلدهم مثلما كان عليه الحال في المراجعات مع بعض الجهاديين الذين تخلوا عن أفكارهم وتحولوا إلى منافحين عن التدين المغربي؟