الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

ليساسفة.. قطعة من جهنم فوتتها الدولة للباعة المتجولين وللديدان والحشرات!

ليساسفة.. قطعة من جهنم فوتتها الدولة للباعة المتجولين وللديدان والحشرات! مشهد من الفوضى والعشوائية في ليساسفة

يحق عليها قول الشاعر محمد الماغوط: "إمبراطورية ترشح بالسعال والمشانق".. تلك هي منطقة "ليساسفة" بالدار البيضاء، التي تعتبر، الآن، تجمعا تختبئ فيه الفوضى الخضراء التي تتناسل على كل الجدران. حيث تَشَكَّلَ «مجتمع» غير متجانس يصل عدد أفراده إلى حوالي 160 ألف نسمة، في منطقة توجد بها ثروة حقيقية، ممثلة في منطقتين صناعيتين (260 وحدة صناعية تشغل أكثر من 20 ألف فرد).

فيكفي أن تلقي نظرة سريعة على أحياء وشوارع "ليساسفة" لتقتنع بأنك داخل مستنقع كبير تنحدر فيه الأوحال والغبار ونواقل الأمراض والعزلة والإقصاء الاجتماعي، رغم أن المنطقة تتوفر على مؤهلات صناعية واقتصادية مهمة تجعلها في مصاف المناطق الأكثر غنى في المدينة.

ويتجلى هذا الإقصاء بالملموس في العديد من المظاهر. لعل أبرزَها النشاطُ الحر للباعة المتجولين الذين يكادون يسيطرون على كل الأمكنة دون استثناء. فالملك العام يقع احتلاله بلا هوادة، ولا يتطلب استغلاله سوى التوفر على "فرَّاشة أو "طاولة خشبية" أو "عربة مجرورة"، من أجل عرض السلع سواء في ساحة عمومية أو بمكان قرب مسجد أو داخل ممر.. إلخ.

وتصل الفوضى إلى ذروتها عند النقطة الكيلومترية 9، الفوضى والعشوائية، ذلك أن جمعيات المجتمع المدني والساكنة، دقت أكثر من مرة ناقوس الخطر، جراء ما وصلت عليه الحال في سوق "القصبة"، السوق العشوائي الفاصل بين ليساسفة 2 وليساسفة 3، حيث يتجمع عدد كبير من العربات المجرورة والباعة الجائلين الذين يبيعون كل شيء، ويعرضون سلعهم كيفما اتفق، بما فيها اللحوم والأسماك التي تعرض فوق طاولات خشبية، بعضها مثبت فوق ركام من الأزبال وتحتها تجري المياه العفنة التي تنغل بالديدان والحشرات، بينما تحلق في السماء أسراب "عوا" التي تحول لونها إلى السواد، من جراء الاقتيات على بقايا السوق الموغل في العفونة.

وفضلا عما يقدمه السوق من صور كارثية للإهمال، هناك غياب شبه مطلق للمرفق العام؛ فأبسط الوثائق المرتبطة برخص السكن والتصاميم أو الربط بالماء والكهرباء، أو طلب سيارة الإسعاف أو حافلة المقاطعة، ينبغي على طالبها أن ينتقل من ليساسفة إلى مقر مقاطعة الحي الحسني المتواجد بحي الهناء، مع ما يعني ذلك من "تسخسيخ" وعناء مع وسائل النقل. فالتدفقات السكانية، التي بلغت أوجها في 1989 أثناء ترحيل سكان دور الصفيح، لم توازها مواكبة على مستوى البنيات التحتية الضرورية من إحداث للحدائق وللدور الثقافية والرياضية والمؤسسات التعليمية والمراكز الصحية وشق الطرقات والساحات العامة ، حيث بدل أن تتحول المنطقة إلى محطة لإنتاج الثروة ما دامت تتوفر على منطقتين صناعيتين، أصبحت محضنة للإجرام بكل أنواعه، من سرقة واعتراض السبيل والمتاجرة في المحظورات، ودعارة؛ وهي نتيجة حتمية للإهمال المنظم من طرف البلدية والعمالة والولاية والحكومة.