الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

نورالدين زاوش:كيف يصطاد حزب العدالة والتنمية ضحاياه؟

نورالدين زاوش:كيف يصطاد حزب العدالة والتنمية ضحاياه؟

لست أدري لماذا يتبجح حزب العدالة والتنمية بكثرة المقاعد في البرلمان، ولماذا يتباهى بكثرة عدد المصوتين عليه، وكثرة المعجبين والمحبين، وقياديو "المشروع الإسلامي" يعلمون علم اليقين، بأنه كلما ذكرت كثرة الناس في كتاب الله تعالى، إلا وذكرت بصفة القُبح والذمّ والتنقيص والتوبيخ، وكلما ذكرت القلة إلا وذكرت بصفة المدح والتبجيل والثناء.

نذكر على سبيل المثال لا الحصر، قوله تعالى: "لقد جئناكم بالحق، ولكن أكثركم للحق كارهون"، وقال أيضا: "ولكن أكثر الناس لا يعلمون"، "ولكن أكثر الناس لا يفقهون"، وقال جل جلاله: "أكثرهم فاسقون"، "أكثرهم لا يعلمون"، "أكثرهم لا يعقلون"،"أكثرهم للحق كارهون"، كما نهى تعالى عن الاعتداد بالكثرة والتباهي بها، وعاقب الصحابة عن ذلك الافتخار حيث قال عزّ مِن قائل: "ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا"، في حين نجده تعالى يثني على القلة المؤمنة الصابرة الصادقة حيث يقول: "وما آمن معه إلا قليل"، "وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"..

إن كثرة المصوتين لحزبنا العتيد لا يعني بالضرورة أننا أناس صادقون، فالصدق محله القلب، والقلب لا يطلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى، لذا فإنه من الطبيعي أن تكون البُشرى التي تزفها لنا صناديق الاقتراع عند كل محطة انتخابية لا تعني الشيء الكثير، لأنه قد يكون سببها الأساسي هو أننا مجرد محتالين محترفين لا غير، اشتغلنا وسط هذا الشعب المسكين عقودا طويلة، فخبرنا نفسيته البريئة، وأحطنا بتركيبة عقله البسيطة، حتى فككنا طريقة تفكيره، ووقفنا على  الشفرة السرية لولوج قلبه، فاستغلينا طيبته أحيانا، وسذاجته أحيانا أخرى، ولعبنا بورقة حبه لله تعالى ولرسوله الكريم، فعرضنا أنفسنا عليه وكأننا امتداد للصحابة الأخيار، نعلي لواء الدين، وننافح عن دين رب العالمين، حتى وثق بنا وثوق الأعمى بمرشده، ووقف بين أيدينا مثلما يقف الميت بين يدي غاسله.

هذا ما صرّح به كبير المخططين السيد بنكيران في إحدى لقاءاته الحزبية الداخلية حينما قال لمريديه: "مِين تَلْقاوْ الناس العاديين يْدافعو عْليكم ف الفايسبوك عرفو باللّي القضية قَبْطات"، هذا بالضبط ما وقع، لقد تمكنت الخطة المدروسة من قلوب المؤمنين الساذجين، وانطلت الحيلة على المثقفين الذين لا ينظرون إلى أبعد من مواقع السجود، فحق لبنكيران أن يفعل بهذا الشعب المسكينما يريد، وأن يتحامق عليه كما يشتهي، مثلما فعل في عيد العمال الأخير، حينما بكى بحرقة شديدة، وغير مسبوقة، من شدة قهره للعمال والأجراء والموظفين، وبالمقابل،وجب على الشعب المقهور أن يؤدي ضريبة هذا العشق الممنوع.

إذا كنا أبناء المشروع الإسلامي حقيقة، وجب علينا أن نتخلص من عقدة عدّ الأتباع والمعجبين والمتعاطفين، لأن العبرة برضى الله وليس برضى الشعب، كما علينا أن لا نفرح كثيرا بكثرة المصوتين لصالح حزبنا "العتيد"، لأنه ربما كلما كثر عدد المصوتين علينا في الدنيا، كلما زاد عدد المتبرئين منا يوم القيامة، أن كانوا لا يعرفون حقيقتنا، حتى أتى اليوم الذي ينكشف فيه الغطاء وتبلى فيه السرائر.