الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المانوزي:السياسة مطلوبة لكن مع كثير من الكرامة قبل العقلانية

مصطفى المانوزي:السياسة مطلوبة  لكن مع كثير من الكرامة قبل العقلانية

لا مناص من أن نعترف أن عددا كبيرا من الباحثين والأكاديميين والمثقفين ، مغاربة وأجانب ، وجميع المواقع يكنون للمغرب حبا كبيرا واعترافا للوسطية التي يسديها في العالم ، ويقدرون جميعا حظ الشعب المغربي بما قدمه من تضحيات من أجل السلام والرفعة والتقدم العالميين ، رغما عن الدور التاريخي في الماضي للدولة التي كانت شاذة في علاقتها مع منظمة عدم الانحياز ، لذلك نعتقد أن البادئ يكون أظلم ، كحقيقة سوسيولوجية ، وطبعا ، يصعب لشخص في مكانة الدولة أن يظلم العم سام ، فما كان لدولة المغرب أن تغير موقفها من الولايات المتحدة ، لولا تخلي هذه الأخيرة عن أول معترف باستقلالها ، بمحاولة ابتزازها في قضاياها المصيرية في الصحراء والعلاقات الدولية وحقوق الإنسان والاقتصاد والتعاون الأمني والعسكري . ويبدو ، من الناحية الإيجابية ، أنه حان الوقت لدعم هذا المنحى ، منحى الوعي بخطورة مخطط الشرق الأعظم المتوسط ، بما يتطلبه السعي الجدي نحو مزيد من التحرر والاستقلال عن « القرار » الأجنبي في السياسة الدولية ، فلا يكفي تذكير الأمريكان بالخدمات العسكرية التي كان مغرب سنوات الرصاص الرسمي يسديها كثمن للانخراط تحت مظلة الغرب ومشتقاته وامتداداته في الحلف الأطلسي ومناخ النظام الرأسمالي الجديد والاستفادة من الحماية والاستشارة ، فالمغاربة الأحرار والشرفاء خاضوا معركة شديدة ضد الامبريالية الغربية وعملائها من المحيط إلى الخليج وضد الكيان والثقافة الصهيونية ، وأدوا ثمن اختياراتهم مضاعفة ، فلم يكن الجلاد « المحلي » سوى امتدادا للجلاد / الشيطان الأعظم ، تكوينا وخبرة ودعما واختيارا .

من هنا لابد أن ننوه بالمنحى الجديد للدولة ، الذي يبدو أنه استحضر العقلانية والواقعية المؤسسة على قواعد لعبة التوازنات العالمية ، العابرة للحدود و المحصنة للوجود ، وذلك بالانفتاح على كافة القدرات الممكنة ، مادام ليس هناك إحراج ايديولوجي أو مذهبي ، فالتقاطب مالي ومصلحي ، يعتبر فيه الصراع الايديولوجي والديني حتى ، مجرد وقود لحلحلة "الكوابح"وتسهيل الولوج . لذلك ، عندما ندافع عن حقوق المغرب وحظوظه في الاستقلال عن « الخارج » ، فليس من باب الاستنجاد والتوسل بالمظلومية والمن بالتعاون وخدمة الأمن « الخاص » للخارج والخوارج ، وانما باعتبار أن المغرب بلد قرر التطليق مع « دور دركي المنطقة » منذ اختيار المصالحة مع الذات الوطنية ، وهو مسلسل لا زال يراوح البدايات المتعثرة ، لأن القوة تكمن في الشخصية الوطنية ومدى تمثل المجتمع والدولة معا للسيادة الوطنية ، نعم ، السياسة مطلوبة والتذكير بالأدوار التاريخية مفيد ، كما أن الواقعية والعقلانية منتجتان ، غير إنه دون الكرامة والعزة والأنفة والاستقلالية لا حديث عن وطن نزيه ومنزه عن التبعية والمظلومية والإرتزاق .