السبت 20 إبريل 2024
في الصميم

الحمد لله أنني لست ملكا!

الحمد لله أنني لست ملكا!

لو كان المغرب «جمهورية»، فإن احتمالات أن يتولى أي منا مسؤولية إدارة الدولة تبقى واردة عبر الانخراط في حزب وحشد الأنصار والأتباع والبحث عن التمويلات الضرورية وعن إيجاد الفرق والخبراء الممكن أن يحيطوا بك في حالة ما أذا فزت في انتخابات حزبك ثم في انتخابات الرئاسة لتولي شؤون «جمهورية المغرب» .

لكن من المكارم الإلاهية أن المغرب توجد به مؤسسة الملكية التي تعد أحد أقدم المؤسسات بالعالم.

وهذا الشكل السياسي من الحكم حسم أمر من يتولى المُلك ومن يتربع على العرش. ففي الجمهورية هناك انتخابات وتدافع بين المرشحين، لكن في الملكية نجد الفصل 43 من الدستور الذي قيد الأمر في وجوب انتقال العرش وحقوقه الدستورية إلى الولد الأكبر سنا من ذرية الملك محمد السادس بالوراثة، ثم إلى ابنه الأكبر سنا وهكذا ما تعاقبوا.

لماذا ينبغي أن نحمد الله على هذه المكرمة؟ لسبب بسيط، يتمثل في أنه لو كنا في «جمهورية»، وبالتالي احتمال أي واحد منا أن يكون رئيسا لها، فسيكون مضطرا إلى التعامل مع رئيس حكومة من النوع الرديء، وسيكون ملزما بتحمل نكته الحامضة والتافهة، وسيواجه حصصا يومية من الجلد الناتج عن القهقهات الزنقاوية والتصرفات الطائشة. كما سيكون «رئيس الجمهورية» مقيدا بشرط دستوري يؤطر العلاقة مع مؤسسة (رئاسة الحكومة) «بهدلها» رئيس الحكومة و«بهدل» معها المؤسسات و«بهدل» نظرة المواطن إلى الدولة!

سيكون «رئيس الجمهورية» مذهولا وهو يرى رئيس الحكومة «حاط رجل هنا وحاط رجل لهيه»: قلبه مع علي وسيفه مع معاوية!

سيصاب «رئيس الجمهورية» بالخيبة وهو يتعامل مع رئيس حكومة لا يستطيع التمييز بين صفته كرجل دولة في خدمة عموم الشعب وبين صفته كزعيم حزبي مهووس بتسجيل غنيمة انتخابية عابرة، ولو اقتضى الأمر تسخير وسائل الدولة ومواردها الدستورية والقانونية (عطايا + مناصب سامية + منح مالية...إلخ).

سيواجه «رئيس الجمهورية» سؤالا حارقا يتجلى في العجز عن فهم كيف أن رئيس الحكومة لم يغادر أسوار العاصمة من أجل أن يطلع على أحوال الأمة في الجبال والسهول والصحاري إلا إذا كان ذلك في مهمة حزبية ضيقة ولو باستعمال الطائرة، ولم يسجل عنه تنقله في ربوع الوطن كرئيس حكومة لحل مشكل اعتصام أو فيضان أو بناء جامعة أو تسريع وثيرة منطقة صناعية أو ساحة عمومية.

سيظل فاه «رئيس الجمهورية» فارغا، وهو يرى رئيس الحكومة مصابا بالشيزوفرينيا يسب أطر الإدارة الموضوعة رهن إشارته ويحولهم إلى وقود لحملة انتخابية سافرة.

سيبقى «رئيس الجمهورية» مذهولا وهو يرى بأم عينيه رئيس الحكومة «يدخل ويخرج في الهضرة» تارة لسب حلفائه وتارة لسب خصومه وتارة لحشر «قمقومه» في جهاز العدالة للتأثير على مجريات محاكمة.

وبدل أن يتعامل الواحد منا، لو كان «رئيس جمهورية المغرب» مع رئيس حكومة يجهد نفسه في صياغة المخططات التنموية والبرامج الإصلاحية والهيكلية، سيكون أمام رئيس حكومة «كيشير بالحجر».

وبالتالي عوض أن ينتشي المرء منا بوجاهة منصب «رئيس الجمهورية» قد يجد نفسه، في لحظة غضب، يضرب هو الآخر رئيس الحكومة «بمهراز» أو «قرطاسه».

فالحمد لله أن النظام السياسي بالمغرب «أقفل» الولوج إلى قمة الدولة، ونجانا وإياكم من فرصة الاحتكاك بالرداءة وبزعماء الرداءة في حكومة يقودها أسوأ رئيس شوه المقعد و«جاب الذل» لمنصب رئاسة الحكومة.