الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

أحمد بومعيز:بنكيران يكسر قاعدة المنطق ...ها مبدأ " الثالث المرفوع " صار منصوبا عليه...

أحمد بومعيز:بنكيران يكسر قاعدة المنطق ...ها مبدأ " الثالث المرفوع " صار منصوبا عليه...

هي الهلوسة السياسية في تجلياتها المطلقة بإبداع مغربي محض ، و من إخراج و إبداع الرجل الثاني في هرم الدولة بعد الملك . هو رئيس حكومتنا المنتخب وفق دستور حلمنا يوما أن يكون وفق طموحات و تطلعات  الشعب والدولة . هو نفسه الدستور، و هي عينها الحكومة التي راهنا عليها من شدة و أوج  زلزال عربي لا زال يحصد الأرواح و يغير التاريخ و الجغرافيا .

و الوطن ما زال في خطر ، ووحدته الترابية مهددة أكثر مما كانت ، و التهديد مستمر ... ورئيس حكومتنا يسقط المنطق عن المنطق ، يكسر أبجديات المنطق كلها.. . فهو مع الشعب و مع الحكومة و مع فاتح ماي و مع العمال و مع  النقابات و مع الشارع و ضد الشعب و ضد العمال و ضد النقابات و ضد وزارة العدل و مع وزارة العدل و مع المعارضة وضد المعارضة و مع الاستقرار و ضد الاستقرار ... هو كل هذا التناقض في نفس الآن .. ولا شيء يعلو على منطقه الخاص .

كيف يمكن أن نفسر وضع رئيس حكومة يخرج في تظاهرة فاتح ماي، وهو الذي رفض أبسط مطالب النقابات ، ووعد فقط الذين أنجبوا أطفالا و تزوجوا بإضافة التعويض كترقية اجتماعية وفق منطق تناسلوا..؟

خروج و موقف يشبه لحظة بكاء الذئب الذي أؤتمن على الغنم ... و النقابات الأخرى لا تعنيها الحكاية ، فقد سلمت أمرها و تاهت بين قرار إلغاء الاحتفال في السنة الماضية ، و الخروج المحتشم هذه السنة ، و اكتفت بين العيدين العماليين بمناوشات تسمن الذئب أكثر من الغنم . كان أجدر بها أن تلغي احتفال هذه السنة و تترك الحكومة لبنكيران ، و النقابة لبنكيران ، و العمال لبنكيران ، و الثقة لبكيران و الشارع لبنكيران ... فلا داعي للنضال بعد اليوم ، رئيس الحكومة ينوب عنا جميعا ، و النضال صار فرض كفاية في هذا الوطن .

مهرجان خطابي في عيد الشغل يجسد واقع الهلوسات التي بلغها الشأن السياسي و النقابي الذي يقوده رئيس الحكومة ، فهاهو ينتقد وزارة العدل التي يسيرها أخوه في الحزب و الدرب قبل الدين . و يهاجم المعارضة و المعارضين أجمعين ، و يسير وسط العمال وكأنه منهم ، وهو ليس منهم ...

 منطق جديد يحكمنا ، فطوبا لنا بعهدنا و بقدرتنا على تكييف و ابتلاع الخيبات و الضحك ..و الضحك الذي صار بكاء مرا نتجرعه قرارا قرارا... وموقفا موقفا...

أكيد أن خروج بنكيران في فاتح ماي يحكمه منطق آخر ، ومصلحة أخرى ، غير مصلحة الوطن و العمال و الشعب . هو يهمه الوصول إلى محطة أخرى من الحكم الذي يتبرأ منه حين يشتد موقع الموقف و القرار . ووفق المنطق نفسه .. فهو الذي يحكم و لا يحكم .. هو يفعل ما يشاء و يقول ما يشاء ، و يشبع أو يقنع الجميع بقفشات صارت تبرر ما لا يبرر.

ألم يكن من الأجدر برئيس حكومتنا الانكباب على التعبئة من أجل إخراج المغرب من أزمته المرتبطة بالتحولات الأخيرة في قضية الصحراء و الوحدة الترابية ، بدل القفشات و الحكايات و الدانكيشوتيات التي يدمن عليها ؟

ألم يكن من حق العمال و الشغيلة المغربية فرحة بسيطة في عيدهم الأممي ؟ و هم الذين اكتووا بنار غلاء المعيشة و التقهقر في سلم الترقي الاجتماعي ؟

ألا يوجد في الوطن و حتى من بين رفاق بنكيران من يقول له أن السيل بلغ الزبى ؟ و يقنعه أو يفحمه ؟ أو حتى يترجاه ؟

أكيد أن رئيس حكومتنا سيستمر في خطاباته التي لن تنتهي إلا بما لن تحمد عقباه ، فحبل الصبر ، و مسلسل الهلوسة بات قصيرا في الوطن .