الخميس 21 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

مدني عبد المجيد: الكبت السياسي وتحديات المستقبل

مدني عبد المجيد: الكبت السياسي وتحديات المستقبل

 حاجتنا اليوم للتفكير في وسائل وآليات سياسية جديدة لمواجهة كل التحديات ووضع الأساس المتين لممارسة ديمقراطية ناجعة ودمج كل مكونات المجتمع في النسيج السياسي دون إقصاء لأحد ولن يتأتى ذلك إلا بإنشاء هيئة سياسية جديدة غايتها ضمان مشاركة أكبر عدد من المواطنين فيالعملية الديمقراطية.ويجب أن نشدد على مسألة     هامة تتمثل في القطع مع بعض الممارسات السابقة التي تتخذ من الانتماء الحزبي وسيلة للثراء وكسب النفوذ وهذا يتناقض مع المبادئ الديمقراطية. إن غياب مؤسسة إستراتيجية تصهر على تدبير البرامج الحزبية يبقي على هيمنة الأحزاب التقليدية في الساحة السياسية و التي قد لا تعكس تطلعات المواطن المغربي على اعتبار أن هذه الأحزاب قد تخدم مصلحة أعضائها أو أنها استنفدت طاقتها الحرارية.وهذا ما قد ينفر أحيانا المواطن منالاقتراب من هذه المجموعات السياسية مما يولد لديه شعور سلبي والذي قد لا يكون في صالح البلد على المدى البعيد لقابليته لاستثمار يوما ما ضد استقرار البلد.

إنه بإنشاء مديرية وطنية للبرامج الحزبية للتحكيم بين الأحزاب انطلاقا من تقييم وتقويم برامجها الحزبية سنقطع مع كل الشوائب التي تراكمت من جراء سوء استخدام الحرية السياسية لدى البعض و نعطي الفرصة للشباب لإنشاء أحزاب جديدة وصياغة برامج تسعى إلى التنمية الوطنية.ومن ثم يصبح لزاما على الأحزاب الاستثمار في مراكز الدراسات بكل أنواعها مما سيحول الصراع من صراع أشخاص وإيديولوجيات إلى صراع برامج وخطط تنموية وشتان بين الاثنين،هذا إن كانت الأحزاب التقليدية تنوي البقاء على الساحة لأنها سوف لن تصمد أمام القوة الاقتراحية والإستراتيجية لباقي المكونات السياسية إذا هي لم تتكيف مع الواقع الجديد. حيث أن التحدي الذي يقع على عاتق الدولة هو كيفية ضبط إيقاع الحركية السياسية وليس الاحتفاظ بالأحزاب التي قد تستهلك صلاحيتها مع مرور الزمن وتغيير شخصياتها إن كانت هي تعتمد في الصميم على زعاماتها السياسية.

ويصبح من اللازم فتح المجال السياسي للقادمين الجدد عبر بوابة البرنامج السياسي لعدة أسباب. أولا،تجنب الكبت السياسي الذي تراكمه الأحزاب بسبب غياب الديمقراطية الداخلية الحزبية و تآكل المرجعية الحزبية و الذي يترجم أحيانا في المظاهرات و النفور من العمل السياسي و السقوط في أحضان المعادين لاستقرار.ثانيا،جلب أطر جديدة و الاستفادة من كفاءتها الفكرية وتوظيفها لمصلحة البلد واستيعاب الطاقات الفكرية الجديدة.ثالثا،ضبط الذكاء الجماعي السياسي والنشاطات السياسية الافتراضية على شبكات التواصل الاجتماعي وتحفيز المواطنين على المشاركة السياسية وتوليد الاقتراحات المفيدة مادام أن المشاركة السياسية مضمونة وتتوقف على إقناع الناخبين بجدوى البرنامج الحزبي. ولا يجب أن نقلق من توسيع المشاركة السياسية مادام أن الأحزاب الجديدة ستتقدم ببرنامج انتخابي محين وقابل للتقييم والتقويم والمداولة والمراقبة قبل طرحه للمنافسة مع باقي الأحزاب على أن تلتزم الأحزاب باحترام الضوابط المعمولة وأن تنأى عن تأجيج الاحتجاجات ضد الدولة.

     ومن المفترض أن تظهر على الساحة أحزاب جادة قادرة على استمالة الناخب المغربي لصالح التنمية و الاستقرار وتبني مقاربة إيجابية في التعاطي مع واقعه الاجتماعي والتعامل معه بمسؤولية .وكذلك امتصاص الطاقة السلبية التي تتولد لدى الأفراد بين الحين و الأخر من جراء بعض الممارسات السياسية أو الإنجازات الهزيلة والتي عندما تتراكم قد تحول إلى مظاهرات واحتجاجات ضارة تفتح المجال لأعداء للتجرؤ على البلد والتطاول عليه.