الأربعاء 27 نوفمبر 2024
اقتصاد

ناصر عياد: الشركات الصينية مستعدة للاستثمار بالصحراء المغريية وتطوير بنياتها التحتية

ناصر عياد: الشركات الصينية مستعدة للاستثمار بالصحراء المغريية وتطوير بنياتها التحتية

بعد الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس إلى دولة روسيا، الاستعدادات قائمة هذه الأيام  لزيارة ملكية مرتقبة لدولة الصين الشعبية، وذلك في إطار إستراتيجية اقتصادية مبنية على تنويع الشراكات بحثا عن أفاق جديدة للإستثمار، وهو توجه أشار الخطاب الملكي في القمة المغربية الخليجية الأخيرة المنعقدة بالرياض عن خطوطه العريضة.

"أنفاس بريس" التقت بالدكتور، ناصر عياد، خبير في الاستثمارات المغربية الصينية، ومستشار لمجموعة من الشركات الصينية،وأجرت معه الحوار التالي:

ما هي نوعية الإستثمارات الصينية في المغر ب، حجمها، تموقعها ،رقم معاملاتها و ما توفره من فرص الشغل؟ 

أول اتفاقية تجارية بين المغرب والصين تعود لسنة 1958 ورغم ذلك فالعلاقات التجارية المغربية الصينية لم تحقق النتائج المرجوة منها.

أما اليوم فالاستثمارات الصينية بالمغرب ما زالت  محتشمة، حيث أنها تتركز في قطاع الأشغال الكبرى( بناء الطرق والجسور والسكك الحديدية والموانئ والسدود) وقطاع الإتصالات والنسيج والتنقيب عن البترول والصيد البحري، وفيما يخص الصناعات  فهي شبه منعدمة، ومع الأسف فمجموعة من الشركات غادرت  المغرب.

وحسب احصائيات إدارة الجمارك الصينية لـ9 أشهر الأولى من سنة 2015 فالمبادلات التجارية لم تتعد25.1 مليار دولار أمريكي بانخفاض 3,1% منها 4.3 مليار دولار صادرات المغرب الى الصين بزيادة قدرها 5.2% والواردات من الصين فبلغت 9، 20  مليار دولار بانخفاض 4.6%. أما بالنسبة للاستثمارات فلم تتعد 6.19 مليون دولار بانخفاض 15.4%. كما أن في السنوات الأخيرة قامت ثلاثة من اكبر الأبناك الصينية بفتح فروع لها بالمغرب لتمويل المشاريع الحكومية وتشجيع الشركات الصينية على الاستثمار بالمغرب. بخلاف الشركات العاملة في قطاع الاتصالات والتي تشغل كفاءات مغربية عالية في التسويق وفي الهندسة فان شركات الأشغال الكبرى تشغل الايادي العاملة وبأسعار اقل من اليد العاملة الصينية في الصين! 

ما هي المشاكل التي تعاني منها الإستثمارات الصينية بالمغرب؟ وكيف يمكن حلها و تنميتها وتحفيز المستثمرين الصينيين؟

من خلال الأرقام السالفة الذكر نلاحظ أن الاستثمارات الصينية في تراجع وذلك راجع للخسائر التي تكبدتها وان عددا منها غادرت فعليا السوق المغربي مع العلم أن سياسة الشركات الصينية في بداية اشتغالها هي الدخول في مشاريع بسعر التكلفة حتى تثبت وجودها في البلد على أساس أنها بعد المشروع الثالث يجب أن تحقق أرباحا. لكنها وللأسف لم تحقق إلا الخسائر في مشاريعها داخل المملكة.

ومن المشاكل التي تعاني منها الاستثمارات الصينية تكمن في تعقيد وعدم وضوح الإجراءات والمساطر المتعلقة بالاستثمار. 

لهذا فمن أجل  تحفيز الاستثمارات الصينية بالمغرب يجب تبسيط المساطر وتشجيع على الاستثمار في المناطق الحرة بالمملكة وخلق مناطق حرة جديدة بالجنوب و الترويج للإمكانيات التي تتوفر عليها المملكة خصوصا الموقع الجغرافي وانتشار الاستثمارات المغربية بإفريقيا. وخلق وكالة لتنمية الاستثمارات الصينية بالمملكة قصد تحقيق هدف مساعدة رجال الأعمال الصينيين وتشجيعهم وتحفيزهم على الاستثمار في مجال الصناعة وفتح مصانع بالمغرب للاستفادة من سياسة الموانئ واللوجستيك التي نهجها المغرب في السنوات الأخيرة؛ علما أن معظم الشركات الصينية مستعدة للاستثمار في الصحراء المغربية والاشتغال على تطوير بنيتها التحتية من طرقات وموانئ ومطارات وسكك حديدية. ولتسهيل دخول المستثمرين الصينيين إلى المغرب فامت السفارة المغربية بالصين بحل المشاكل التقنية لاستصدار التأشيرات بتنسيق مع شرطة الحدود وذلك بتسليم تصاريح الدخول إلى المملكة المغربية بالمجان ريثما يتم الانتهاء من الترتيبات مع شركة خاصة يعهد إليها تدبير هذا الأمر كالتي تشتغل مع السفارات الأوربية لاستصدار تأشيرة "الشنغن" لأنه ما يلاحظ  مع الأسف بعض وكالات الأسفار الصينية تقوم بمطالبة الراغبين لزيارة المغرب بمبالغ تصل إلى 3500 درهم أو أكثر مع العلم إنها خدمة تتم مجانا.

على ضوء الاستقبال الذي خصكم به الملك محمد السادس بالصين الشعبية، كيف تقترحون شراكة فاعلة مع الصين،وذلك بتشجيع المغاربة بدورهم على الاستثمار بهذا البلد؟

كان لي الشرف في أن أحظى بالاستقبال الذي خصني به جلالة الملك ببكين بصفتي رئيسا لجمعية الطلبة المغاربة في الصين الشعبية بمناسبة الزيارة الملكية لهذا البلد سنة2002 . وهو لقاء تميز برعاية وعناية من جلالته للطلبة المغاربة والسؤال عن احوالهم . واقترحت على جلالته خلاله أن نقوم نحن الطلبة بتنسيق مع السفارة المغربية بتنظيم أسبوع ثقافي مغربي كل سنة بمناسبة عيد المسيرة الخضراء للتعريف بالمغرب وبقضيتنا الوطنية الأولى الصحراء المغربية وكذلك لجلب الاستثمارات الصينية فما كان من جلالته إلا شجعنا  على هذه المبادرة وأعطى تعليماته  السفير المهدي ميمون للتنسيق معنا ومساعدتنا. و بالفعل قام  السفير بتهيء برنامج للاشتغال عليه لكن مع الأسف تم توقيف المشروع بمجرد انتهاء مهام السفير بالصين لأسباب لم نفهمها.

وعلى كل حال كانت الزيارة الملكية ناجحة بكل المقاييس باعتراف الصحافة المرئية والمسموعة والمكتوبة، آنذاك،  فبدأت الاستثمارات الصينية تتوجه نحو المغرب كما تجسد ذلك أيضا بحضور مجموعة لا بأس بها من رجال الأعمال الصينيين لدراسة آفاق السوق المغربي.

وفي اعتقادي لابد للمستثمرين المغاربة من التفكير مليا في  الاستثمار بالصين خصوصا في الولايات الصينية التي تمنح امتيازات مهمة للمستثمرين الأجانب (الولايات الوسطى والجنوبية الغربية والشمالية حيث قامت عدة شركات أمريكية وأوروبية وروسية وحتى اليابانية بفتح مصانع لها داخل هذه الولايات الصينية.