الأربعاء 24 إبريل 2024
خارج الحدود

عائشة باشا: لماذا فشل العالم في مواجهة التطرف العنيف؟

عائشة باشا: لماذا فشل العالم في مواجهة التطرف العنيف؟ عائشة باشا

كوبنهاجن، نيويورك، باريس، لندن، بروكسل، مدريد، اسطنبول، الدار البيضاء، هامبورغ... هي مدن مختلفة في العالم، لها شيء واحد مشترك: فقد عانت من فظائع التطرف العنيف. ولكن لماذا فشل العالم في إنهاء التطرف العنيف؟ للإجابة عن هذا السؤال، قمنا بتحليل مختلف استراتيجيات مكافحة التطرف .

الاستراتيجية الأمريكية:

ترى التطرف على أنه عنيف فقط عندما يكون هناك ارتكاب فعل إرهابي بسبب أفكار أو دوافع متطرفة.

في هذا المنظور، يريد الأمريكيون فصل التطرف المعرفي الذي يعتبرونه مشروعا (لا يعتبر المتطرفون غير العنيفين تهديدا لكي يتعين على الحكومة تخفيض أنشطته أو التصدي له). وهم يعتقدون أن أي مجتمع حر يستطيع، بل ويجب عليه، أن يتسامح مع درجة من التطرف.

بالنسبة لهم، النهج الصحيح لمكافحة التطرف يبدأ بشراكات استراتيجية مع المتطرفين الشباب الذين لم يقوموا بأعمال إرهابية. وهي تتعامل مع هؤلاء وتدربهم على تثقيف الشباب الذين يحتمل أن يتبعوا نفس المسار، وذلك تحت مراقبة إدارة الأمن الداخلي ووزارة الأمن الداخلي .

الاستراتيجية العربية:

وتختلف مستويات المحاربة في البلدان العربية المتضررة من التطرف العنيف. تعمل المغرب والجزائر وتونس من خلال تنفيذ قوانين صارمة، وإقامة شراكة قوية لمكافحة الإرهاب بين مختلف دوائر الدولة: أجهزة الاستخبارات، والشرطة الوطنية، وأمن الحدود. أما دول الخليج فقد قطعت التزاما عسكريا ضد الإرهاب، وذلك بمساعدة جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ضد ما تسمونه الإرهاب من توتموسيسthoutmousis  وتقوم حكومة الإمارات العربية المتحدة بإنشاء مركز صواب، الذي يهدف إلى تصحيح مسارات الشباب المتطرف بواسطة دورات تعليمية دينية.

 وفي السياق نفسه، فتحت المملكة العربية السعودية مركزا يقدم للإرهابيين السابقين برنامجا "لإعادة التأهيل" يعتمد على الرياضة والرسم والدين والأسرة.

ولا يحظر التطرف الديني في هذه البلدان لأنها تضم عدد كبير من السلفيين و حتى المنظمات السلفية وكذلك المنظمات الإرهابية مثل المرابطي، ومجاو في الجزائر وأنصار الآشرية في تونس والشباب في الصومال و كينيا، بوكو حرام في مالي، نيجيريا، تشاد، النيجر والكاميرون، ﻮجبهة النصرة في بلاد الشام وغيرها من الجماعات الإرهابية التي أعلنت الولاء لداعش.

وقد اتخذت الكويت عدة خطوات لتحسين مراقبة وتنظيم جمع التبرعات الخيرية، بما في ذلك رصد التحويلات إلى المستفيدين الدوليين وتنظيم التبرعات عبر الإنترنت.

أما المغرب فلديه استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب تشمل تدابير اليقظة الأمنية والتعاون الإقليمي والدولي وسياسات مكافحة التطرف.

النهج الأوروبي:

واصلت البلدان الأوروبية صقل استراتيجيات مكافحة التطرف العنيف. وتؤكد السياسات الدانماركية والسويدية والنرويجية ضد التطرف على التدخلات الوقائية مثل المقابلات مع الشباب الذين يعتبرون معرضين للخطر. وهي تطلق حملات إعلامية تركز على القيم الديمقراطية و"المواطنة النشطة" تستهدف، على سبيل المثال، منع نمو "المجتمعات الموازية" في "مناطق غيتو".

وقد وقعت حكومات هذه البلدان اتفاقات تعاون رسمية مع المدارس والخدمات الاجتماعية والشرطة. كما أقامت الدول الثلاث معاهد بحثية تركز على التطرف والإرهاب، مثل المركز الدانماركي لدراسة الأسلمة والتطرف (CIR) أو مجموعة أبحاث الإرهاب في النرويج  (TERRA)

ووضعت السويد بدورها خطة مفصلة بعنوان "الوقاية والوقاية والحماية''. أنشأت ألمانيا في يونيو 2010 البرنامج- "الهاتف"باللغة العربية و Heraus Aus Terrorismus und Islamistischem Fanatismus باللغة الألمانية التي تهدف إلى إخراج الشباب من التعصب الإسلامي.

فبالنسبة لبريطانيا، بعد أحداث 11 سبتمبر، تم إنشاء برنامج'' .Prepare, Pursuit, Protect, Prevent''

هذا هو البلد الوحيد الذي يستخدم المنظمات التي أنشأها الإسلاميون السابقون (كمؤسسة التغيير النشط ومبادرة الوحدة) للتعامل مع مشكلة التطرف العنيف هذه.

وقد غيرت فرنسا وبلجيكا وهولندا مناهجها. وركزوا على ما يسمى بـ ''مكافحة التطرف العنيف"، الأمر الذي لم يؤد إلى نتائج ملموسة. وهي تتحرك أكثر فأكثر نحو سياسات الوقاية على الطراز الدانماركي.

وقد كثفت البلدان الأوروبية من جهودها الرامية إلى حل التطرف العنيف في محافل دولية مثل المحفل العالمي لمكافحة الإرهاب(الذي ترأسه تركيا والأمم المتحدة، ومجلس أوروبا وأوروبا، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا).

وأنشأوا أيضا المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب التابع لليوروبول من أجل تحسين تبادل المعلومات بشأن تحركات الإرهابيين الأجانب. وقد اقترحت المفوضية الأوروبية إنشاء حرس السواحل وحرس الحدود التابع للاتحاد الأوروبي (فرونتكس، مع تفويض موسع)، حيث وعدت بتقديم مساعدات مالية للبلدان الأفريقية التي وقعت اتفاقيات لمحاربة بوكو حرام. وعسكريا، تعاونت 39 دولة أوروبية متعددة الأطراف في غارات جوية مع التحالف العالمي ضد داعش.

مقارنة بين الاستراتجيات المتبعة:

تنبع الدول العربية النهج الأمريكي. ولا يحظر التطرف الديني فيھا كما ذكرنا من قبل. فهي تفتقر إلى الدقة لأنها تفتقر إلى القيادة المركزية للمعلومات.

ويهدف النهج الأوروبي إلى مواجهة التطرف الأيديولوجي مع التطرف السلوكي، ولكنه يركز على النوع الأول. بالنسبة للأوروبيين، خطر التطرف يتجاوز بكثير الأفراد الذين يخرقون القانون ويشاركون في العنف. إنها سياسية. وهي تراقب حركات متطرفة ايديولوجيا معتبرة أن هذا يمكن أن یجنب تهديدات الاضطراب وانعدام الأمن العام.

ولمكافحة هذه الآفة، تحرك الاتحاد الأوروبي نحو اتباع نهج أكثر شمولية مع الدول الأعضاء. وقد وضعت استراتيجية أوسع نطاقا. على سبيل المثال، مبادرة مسارات العمل، التي تدار بالتعاون مع بلدان مثل إسبانيا. وتتيح هذه المبادرة إدماج الأئمة المسلمين والعمل معهم على نحو أوثق من خلال برامج تدريبية تحسن مهاراتهم اللغوية وتوفر لهم التدريب الكافي لتحديد علامات التطرف.

وبالإضافة إلى مسارات التلقين الأخرى التي يستخدمها المتطرفون، تظل شبكة الإنترنت الأداة الأكثر جاذبية للتوظيف والتجنيد. ونحن نتساءل لماذا لم يستغل الغرب أو سوريا هذا الطريق في مكافحة التطرف العنيف، وحرمان مجندي هذه المنظمات الارهابية من الوجود. هل هذا خطأ في سياسة مكافحة التطرف أم بالأحرى إرادة ضمنية لكي تستمر هذه الآفة؟ على الأقل الحرمان من الإنترنت لن يكون نفس الخسائر البشرية والمادية التي تحدتها . F16S.

ونعتقد أن مكافحة التطرف العنيف تحولت إلى عمل تجاري وأيضا إلى لعبة سياسية. يقترح كل حزب سياسي استراتيجيته الخاصة ويدعي كل باحث أن نتائجه هي الأفضل، دون الأخذ بعين الاعتبار أن المساومة تخص أرواح بشرية.