الجمعة 20 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

محمد الغلوسي: محاولة في فهم قرار ترامب

محمد الغلوسي: محاولة في فهم قرار ترامب محمد الغلوسي

يمر العالم اليوم من منعرجات ولحظات تاريخية مفصلية غير مسبوقة ستشكل لا محالة مقدمة لوضع جديد قيد التشكل ، وضع سيطرح تحديات كبرى على كل الشعوب بكل تياراته الفكرية والسياسية.

لا يمكننا مواجهة هذه التحديات بردود الأفعال العاطفية والوجدانية وتشنج ونرفزة والسقوط في شباك الاستفزاز  والتي تعبر بشكل كبير عن عجزنا وفشلنا أكثر ما تعبر عن وعي حقيقي يفهم عمق المشكلات المطروحة في إطار قراءة علمية وعقلانية لكل التطورات المتسارعة والمتلاحقة والتي يحرك خيوطها ويوقد نارها الصراع حول المصالح في العالم بين أقطاب سياسية واقتصادية تجيد اللعب على رقعة المصالح الكبرى.

تجيد الدوائر الرأسمالية والصهيونية كثيرا التخطيط الإستراتيجي الذي يوظف معطيات العلم والمعرفة لرسم خارطة طريق لمصالحها ،وهكذا فإن  أي رئيس أمريكي سابق لم يتجرأ على اتخاذ القرار الذي اتخذه ترامب حتى توفرت كل الشروط لذلك ،انقسام عربي حاد غير مسبوق، أزمات مشتعلة في اليمن وسوريا وليبيا والعراق ، ضعف وتشرذم قوى المقاومة والممانعة ،تحول اهتمام العالم إلى مواجهة الإرهاب الذي أصبح أولوية في كل البرامج على حساب حقوق الانسان والديمقراطية.

إن مواجهة المعضلات الكبرى التي تواجه شعوبنا يقتضي منا إحداث ثورة ثقافية وعلمية وبناء أنظمة ديمقراطية تضع العلم والتكنولوجيا في مقدمة الأولوية ومحاربة الفساد والإفلات من العقاب وترسيخ حكم القانون.

وعلى المستوى السياسي لابد من إعادة فتح نقاش عميق ورزين حول حركات التحرر الوطني والبحث عن سبل تقويتها وتعزيز جبهة النضال ضد الاستبداد  والتخلف لمواجهة كل الأخطار المحدقة بِنَا وفتح كل المعارك النضالية التي تفتح آفاقا رحبة لبناء مجتمعات متحررة ومتقدمة تشكل صِمَام أمان ضد كل الأزمات التي قد تواجهنا. 

ودون ذلك ستظل ردود أفعالنا مجرد تعبير عن عجزنا وفشلنا ، وهذا لا يعني مطلقا القبول بالأمر الواقع بل على العكس من ذلك لابد من مقاومة ولو في حدود ها الدنيا شريطة أن تعي هذه المقاومة كل الشروط والظروف المحيطة بها ، لست مهزوما مادمت تقاوم.