يبدو أن مسرحية الإرهاب المؤلمة مستمرة في سفك دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ و العزل في جميع أنحاء العالم ، بروكسيل وقبلها أنقرة وقبلها دول من آسيا و أوربا و هلم جرا . و المؤلم أن الممثلين يتقمصون ادوار شخصيات تتكلم عن الإسلام و المباديء الاسلامية و يتحدثون لغة دينية و يرددون سيناريوهات وعبارات رنانة و في الكواليس تقبع حقيقتهم المكشوفة المليئة بالحقد و الكراهية و التي يحاولون عبثا إخفاءها عن المتفرجين.
هذه المسرحيات أنتجت تفجير أجسام إرهابيين وسط تجمعات أناس أبرياء، و هي أفعال خطيرة و جبانة ما عرف التاريخ مثل دنائتها قط حيث انها تتغيا ضرب الأمن الإنساني في العمق ولا تستثني أحدا .
وإذ نستنكر مثل هذه الأعمال التخريبية نؤكد أن هناك ما هو أخطر من البطون والأمعاء المتفجرة للإرهابيين الهلكى ألا و هي الأدمغة التي تتفجر كل يوم بين ظهرانينا مخلفة دمارا اجتماعيا و نفسيا مهولا دون ان تحدث ضجيجا لان أفكارها ومواقفها تملك كاتمات للصوت، و هي مدمرة تنشر الحقد و الكراهية و تشكك في قناعات و أفكار الآخر مهما كان انتماؤه لا بل و تكفر كل من يختلف معها ، باعتبار أنها تملك الحقيقة و كل من يتعارض مع مبادئها لا بد أن يمحى و يجتث من فوق الأرض، ولا يمكن ذلك حسب قناعتها إلا بالتكفير، يليه التكبير ثم التفجير . إن الافكار التي تصدينا لها منذ أن كانت جنينية و نبهنا في كتاباتنا إلى خطورتها منذ زمن طويل، هاهي الآن تجني حنظلها .
وللأسف لا مناص من تجرع مرارته رغم أننا لا نكاد نسيغه و يأتينا الموت من كل جانب. كيف لا و قد أصبحنا لا ندري أين سيتفجر أصحاب الأمعاء و الرؤوس و الأعضاء السفلى و العليا بالقرب منا،هل حين سنكون في السوق أو في المطار أم و نحن ساجدون في المسجد،هل حين سنقرر الذهاب إلى تركيا أو إلى باريس أو بروكسيل .أين المفر ؟
إن ما يجب التنبه إليه هو أن الإرهابي قد وصل إلى قناعة تفجير جسده عبر مراحل سلكها و تدرج فيها في مدارس تعلم الفكر المتطرف .إن تلقيه لأفكار و دروس معلميه و التي تتفجر إقصاء ونفيا للجميع لا يمكن أن تنتج مع تراكم سنين خلت عليه من الجهل و الإهمال إلا كائنا متطرفا منعزلا لا معنىله ولا طعم لوجوده إلا هناك في عالم الغيب.
وبالتالي لا بد له أن يحمل متاعه ويتوكل على توجيهات شيوخه ويختمها بتفجير ذاته الفاقدة لمعنى البقاء بين الكفار .إن ذهنه مليء بتراكم نفايات مواعظ و خطب جمعة و دروس و خرجات إعلامية لاشباه علماء وكتيبات و كراسات داعيات و أفكار صحفيين هواة بجرائد تنشر الفكر المتطرف و فضائيات تطبل و تزغرد للانتحاريين الملقبين بالشهداء. و بذلك فلا مناص له من الإفلات من حالة التعصب لأفكاره التي غالبا ما تتحول إلى مرض يصعب ليس فقط التعافي منه بل تشخيصه أصلا.
إن أغلب هولاء الذين يفجرون اجسادهم هم من الشباب ولكن أغلب من ينظر لعملياتهم الإجرامية هم من الشيوخ الكبار سنا و علما و جهلا. حقا انهم كبار ولكن ليس بعقولهم بل بافكارهم التي تتفجرحقدا و جاهلية و كراهية، لكنهم يتخفون و يمثلون و ينظرون سرا و علانية، فوجب التصدي لأفكارهم التي تعتبر قنابل انشطارية كي يسهل بالنتيجة إحباط عمليات الأجساد المتفجرة.