الاثنين 20 مايو 2024
سياسة

الطاهر بنجلون: بان كي مون أخطأ الزيارة بعد أن حركت طائرته رياح سوء النية

 
 
الطاهر بنجلون: بان كي مون أخطأ الزيارة بعد أن حركت طائرته رياح سوء النية

خص الكاتب والشاعر المغربي الطاهر بنجلون التطور الأخير والمثير لما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن قضية الصحراء المغربية، بتعقيب عدَّد فيه إخفاقات الهيأة منذ عقود، وكيف فشلت في ترك بصمة واضحة قد تشهد على فض نزاع من جملة النزاعات التي تعرض عليها من قلب بؤر التوتر في العالم. كما عرج من خلال وجهة نظره التي نشرت بموقع "le360.ma" على ثنايا تعامل الرجل مع القضية الوطنية، واختياره النهج المعقد بالاصطفاف إلى جانب الجزائر ودميتها في الوقت الذي لا يرغب فيه المغرب سوى التفاعل وفق ما تقتضيه حجية القوانين ومبادئ الشرعية الدولية. وفيما يلي الترجمة الكاملة للمقال:

"التاريخ يشهد بأنه ومنذ عقود لم تقم هيأة الأمم المتحدة بالشيء الكثير، اللهم بعض الاستثناءات النادرة. فهي وكما يتضح فإنها تتيح فرص الاشتغال لأشخاص يفتقدون بعد الرؤى والقدرة على التأثير. وفي هذا السياق، فإنها لم تتمكن من منع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش من اجتياح العراق، وما أدى إليه ذلك من إلقاء المنطقة برمتها في مستنقع الدمار.

ومن جهة أخرى، على الرغم من تضمن الهيأة، وعلى مدى عشرات السنين، لقرارات كثيرة تدين الجرائم الإسرائيلية، فإنها تظل مجرد حبر على ورق حبيس الرفوف بلا تفعيل على أرض الواقع. ومن ثمة، بقيت الدولة العبرية طيلة هذه المدة مترفعة عن تلك الإدانات، ومولية لها الظهر باستخفاف.

وهذا ما يفسر الاتجاه العام لذلك التجمع في عدم قدرته ولحد الآن على فض نزاع في بقعة من بقاع التوتر العالمي، وكل ما هناك ثرثرة وكلام فضفاض بيروقراطي خال من أي وقع وازن.

والحال أنه بدل أن يضيع بان كي مون وقته في زيارة تندوف وأصدقائه الجزائريين، كان عليه أن ينتقل لتفقد أحوال الأكراد الذين يواجهون بمفردهم تنظيم "داعش" على الساحة. أو يتوجه إلى الفلسطينيين المحتلة أراضيهم من طرف دولة متغطرسة، وغير آبهة لشيء اسمه الأمم المتحدة أو إداناتها، بل على العكس من ذلك يقر بوجوب عدم المساس بذلك الكيان مهما اقترفه من فظائع، ومتى أراد.

إن كل المعطيات تثبت على أن الأمم المتحدة هيأة مريضة، وتشكو ثقل وزنها البدين الذي أفقدها حس الرشاقة التي من المفروض أن تسعفها لتحمل المسؤوليات الموجودة لأجلها.

وبالعودة إلى ملف الصحراء، فإن المغرب لم يطلب من الأمم المتحدة سوى أن تتعامل معه بلياقة وفق ما تقتضيه القوانين والشرعية الدولية، طالما أن الصحراء مغربية والجميع يعلم هذا، وعلى رأسهم الأمين العام. هذا الأخير الذي يعي جيدا أيضا اختفاء الجزائر وراء احتدام تجاذبات الصراع المفتعل، وعملها من وراء الستار لغاية تسميم ما يعرفه المغرب من تقدم. مع العلم أن هذه الحكاية قديمة بين "الإخوة الأعداء" أحدهما بخيل، تنهكه الشيخوخة، كما تفترسه غيرة بلوغ المملكة مصاف راقية دون أن يتوفر لديها بيترول أو غاز، فقط رأس مال بشري واعد وملك محبوب ومحترم لكونه يخدم بلده بلا كلل أو تردد.

إن بان كي مون على دراية تامة بأن هناك دمية بلا روح ولا مستقبل بتندوف، والدراية ذاتها يمتلكها بخصوص مغربية الصحراء. ومع ذلك يتجاهل قناعاته ويدعي وهم الاحتلال وكأننا بصدد القضية الفلسطينية. لهذا، أعتقد جازما بأنه أخطأ زيارته تلك، عوض أن يقف على ما يعانيه الفلسطينيون من اغتصاب لتراب أرضهم بفعل التسلط الإسرائيلي الذي لا يتوانى في إنزال نظام الفصل العنصري "الأبارتايد"، والوقوف إلى جانب شعب على حافة اليأس.

وعليه، فإن طائرة الأمين العام أبت إلا أن تحركها رياح ملغومة ومبيتة لتحط حيث يتدرب إرهابيو "القاعدة" و"داعش" استعدادا للالتحاق بما يسمى بجيش "الدولة الإسلامية". وبإمكان أصدقائه الأمريكيين أن يطلعونه على أشرطة فيديو هذه المدينة التي سلبها الفرنسيون من المغرب سنة 1932 قبل إلحاقها بالجزائر إبان أيام الاستعمار. أما الآن، فقد صارت هذه المدينة معقل الإرهاب الدولي، وإن لم يكن يعلم بالأمر، فلأن مصالح الهيأة التي يتزعمها لا تقم بعملها كما يجب، أو لكونها، وبكل بساطة، تغمض أعينها على ما تفضحه الحقائق".