الاثنين 20 مايو 2024
سياسة

بنكيران والقرآن

 
 
بنكيران والقرآن

عندما يستعمل عبد الإلاه بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام للعدالة والتنمية، بعض النصوص القرآنية والأحاديث النبوية في خطاباته السياسية نكتفي بالقول إنه ماكان ينبغي له أن يستعمل الدين في السياسة وهو المشترك بين جميع المغاربة، ولكن لم يكن يتجاوز حدود استعمال الخطاب الأخلاقي في القرآن، أما اليوم فإن الأمر خطير لأنه يتعلق باستصدار حكم من القرآن وبالتالي يصبح حكما شرعيا.

ليس سهلا أن يقول بنكيران إن الاقتطاع من الإضراب وارد في القرآن الكريم، وليس سهلا أن يلجأ إلى التأويل ليقول إن كتاب الله ينص على الاقتطاع من خلال تفسير خاص لآية الميزان.

كيف تسنى لبنكيران الكشف عن "الحكم الشرعي"  الذي هو "حكم الله" القاضي بالاقتطاع من أجور المضربين عن العمل؟ وهل الموضوع يدخل تحت دائرة الأحكام الشرعية أم الأحكام  العامة؟ وهل يمتلك بنكيران مؤهلات الكشف عن الحكم الشرعي من خلال النص القرآني؟

الذي نعرفه ولاشك فيه هو أن بنكيران أستاذ الفيزياء ولا علاقة له بالعلم الشرعي. مارس الدعوة لكن من خلال الاستماع إلى أشرطة ودعاة المشرق. واعترف أكثر من مرة بأنه لا يقرأ وأنه يشبه النبي (ص) في هذه الصفة. متطاولا على رسول الله الذي علمه الله من لدنه علما وسمي أميا لأنه بعث في أمة ليس لها كتاب. وطوال أربعين سنة كان بنكيران مشغولا بالسياسة.

الذي يريد أن يتصدى للتأويل لا بد أن يمتلك أدواته حتى لا يخرج عن سياقه. والذي يريد أن يتصدى للتأويل القرآني لا بد من أن يمتلك ناصية العلوم الإسلامية. فكم من علم إسلامي يعتبر فيه بنكيران صاحب "صنعة" كما يقال؟ لم نشهد ولو في مرة واحدة أن بنكيران تصدى لقضية فأظهر فيها مهارة في علم من العلوم الإسلامية.

ونسأل بنكيران من باب رفع العتب: كم علما من العلوم الإسلامية تتقن؟ تعرف أنها صفر، ومن هنا مكمن خطورة هذه الجراءة الكبيرة على كتاب الله، الذي لا يمكن أن يدرك كنهه رجل اشتغل كل وقته بالسياسة  و"نواعيرها" وتلطخ لسانه بتبادل السب والشتم وتبادل التهم مع الآخرين.

وهذه خصلة واحدة تبعد بنكيران عن دائرة العلماء الربانيين، الذين لا يمكن أن يتورطوا في اتهام الأشخاص مهما كانت الظروف، ولا يمكن أن ينزلوا إلى الأسلوب السوقي "مثل ديالي كبير عليك".

أين تكمن خطورة استعمال بنكيران للقرآن في مجال يتعلق بالأحكام؟ إذا كان الاقتطاع عن أجور المضربين أمرا إلهيا، فالحكومات السابقة وحكومة في أيامها الأولى خالفت حكم الشرع. مع العلم أن الأمر يتعلق بتدبير ملف اجتماعي يمكن أن تلجأ الحكومة للاقتطاع، كما يمكن ألا تلجأ إلى ذلك.

وما الفرق بين هذا التأويل المتعسف للقرآن الكريم وبين تأويلات داعش وأخواتها من التكفيريين؟ ألا يمكن أن تتحول هذه العملة إلى  حرب ضد المخالفين أو يمكن أن يستغلها كل أدعياء التدين؟