الأربعاء 8 مايو 2024
سياسة

البخل ليس من شيم المتواضعين يا رئيس حكومة..

البخل ليس من شيم المتواضعين يا رئيس حكومة..

الأحد صباحا بحي الليمون بالرباط. مجموعة من الصحفيين دخلوا بيت عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الإسلامي، قصد مساءلته حول قضايا عديدة. الزملاء الصحفيون كل كتب من جانبه ما يراه مهما للقارئ. لم يثر انتباهي أي من المواضيع التي تحدث عنها الزعيم الإسلامي. لكن أردت الوقوف عند "الشكل" في هذا اللقاء.

الصورة التي وضعها بعض الزملاء تضمنت صالونا في حاجة إلى مصباح كهربائي. لا أدري ما إن كان "الأخ الأكبر" قد أعاره لحزبه. زعيم للمصباح في حاجة إلى مصباح. سابقا كتبت أن مصباح بنكيران شبيه بمصباح علاء الدين يصلح فقط للأساطير والقصص الخيالية. ألم يطرح بنكيران برنامجا خياليا تخلى عنه مباشرة بعد تعيينه رئيسا للحكومة؟

وأمعن آخرون في وصف صالون بنكيران الذي احتضن اللقاء. غير مرتب. مخدات دون سلاسل. بنكيران يحلم بأكواب ونمارق مصفوفة. بعض الزملاء اعتبروا الأمر تواضعا من بنكيران. ومما أكد لديهم هذه القناعة أن الغداء لم يتجاوز "البيض والخليع". وما على "الخليع" مدير القطارات سوى أن يجمع "رأسه" كي لا يأكله بنكيران ممزوجا بالبيض.

الصالون غير المرتب ليس علامة على التواضع. قد يكون دليلا على الاحتقار والوضاعة. عنوان الترحاب لدى المغربي هو أن تجلسه خير مجلس. ثم يأتي الباقي لمزيد من الفرح والسرور. الأمر هنا لا يتعلق بندوة صحفية إذ لو كان نظمها في مقر الحزب. ولكن استضافة.

عندما يمتلك المغربي منزلا و حتى لما يدخل دارا مؤجرة أول ما يفكر فيه هو الصالون. يسميه كثيرون بيت الضياف. مكان يخرج عن ملكية القاطنين بالمنزل. ليس من حق الأطفال اللعب داخله. يُسمح فيه بالصلاة فقط وتجاوزا قيلولة رمضان. ما عدا ذلك هو مكان حصين لا يخترقه أحد في انتظار قدوم ضيف.

قد يكون بنكيران أراد أن يبعث برسالة مفادها أن يده بيضاء. لكن براتبه الحكومي يمكن أن يجهز صالونا ممتازا. أي موظف بسيط يختار غرفة ضيوف جيدة ويختار ألوانها ويحرص على أن تكون متناسقة.

بنكيران "كملها وجملها" عندما قدم لضيوفه وجبة غداء بالبيض والخليع. طبعا هي أكلة لذيذة. يقدمها المغاربة في الفطور أو اللمجة. لكن تقديمها في الغداء قلة ذوق. آخر مغربي إذا نزلت عنده ضيفا يكرمك على أحسن وجه. لا تقف قلة ما باليد في وجه المغربي كي يكون مضيافا.

من شيم المغاربة حسن الضيافة. هذه ميزة لم تتغير عبر التاريخ. هي الشجرة التي لا يتنازل المغاربة عن صعودها مهما كانت الظروف. مرة سابقة استقبل بنكيران الفاعلين في المواقع الاجتماعية فقدم لهم "مرق بالبطاطس يلعب فوقها الماء".

المتواضع هو من ينزل إلى الأرض ليقدم أحسن ما لديه لضيوفه. أما صالون "على قد الحال" وغداء بالبيض الخليع فليس تواضعا. مجرد إهانة وقد يكون تمثيلا غير متقن الإخراج.

عن جريدة النهار المغربية في عددها ليوم الأربعاء 2 مارس 2016