الخميس 26 سبتمبر 2024
مجتمع

أكواخ الصفيح تتناسل في جماعة سيدي يحيى زعير كالفطر، وساكنتها بين نارين: العزلة وحياة البؤس

أكواخ الصفيح تتناسل في جماعة سيدي يحيى زعير كالفطر، وساكنتها بين نارين: العزلة وحياة البؤس

رغم القرارات والخطابات الملكية الرامية إلى القضاء بشكل تام على مدن الصفيح، إلا أن بعض الحسابات السياسوية تسير عكس الإرادة الملكية.. فلماذا إذن..؟ وكيف..؟

أسئلة حارقة تخرج من أفواه أناس مقصيين منسيين في مدينة اصطلح عليها مجازا "العاصمة الادارية للمملكة الشريفة الرباط" وفي ضواحيها جماعة سيدي يحيى زعير التي اخذت من الوليِّ اسما لها، حيث تناسلت فيها أكواخ الصفيح كالفطر في حقبة ماضية كانت تبصمها السيبة والفوضى العارمة من طرف لوبيات الظلام، وفي خضم ما يعرفه المغرب من تطور في المجال الاقتصادي والتنموي والاجتماعي.. إلا أن السكان التابعين للجماعة المذكورة مازالوا يتقلبون بين نارين: نار العزلة ونار حياة بؤس وشقاء تصاحبه لازمة رددها الجميع على مسامعنا، لماذا نعيش هكذا عيشة..؟ سؤال دفعنا للقاء بأهالي هذه المنطقة لنلتقي بشباب لم تبارحهم المأساة، وذلك حسب شكايات توصلنا بها.

Sidi-Yahya-Zair-2

ودون إعارة اهتمام لحاجتهم إلى سكن محترم رغم الوعود الكاذبة المتمثلة في العمل على تهيئة المجال العمراني، يتهاون ويتماطل المسؤولون في تحقيق مطالب السكان، والتي من أهمها المرافق التي تعتبر من الضروريات اللازمة لتحقيق تنمية محلية للمدينة بكل دلالاتها، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا، ومؤسساتيا، إضافة إلى غياب البنية التحتية التي تشكل العائق الأساس لكل تطور مأمول، الشيء الذي ألحق ضررا كبيرا بالمدينة المذكورة.

من هنا نجد ضرورة الاتفاق مع صوت المتضررين في كون المسؤول السياسي بحاجة إلى قيم الترشيد بمعزل عن محركات النعرة الحزبية التي تعرقل تطلعاتهم نحو المسار المطلوب، تلك النعرة التي لا تسعى فقط إلا إلى وضع العراقيل أمام متطلبات التنمية المحلية لساكنة بمدينة شبح ساكنتها مثل من قضوا نحبهم في مقبرتها التي يوجد بها الولي الصالح، فلا أرواحهم امتدت في كيانها ولا صلاح وكرامات وليها عادت تنفع في اتقاء شرور الزمان وبكل تجلياتها ساكنة تستوطن أرضا من دون أن  تعلم أنها موجودة على تربتها ولا تدري أنها تستنشق هواءها، حيث أنها لا تعي حقوقها ولا الواجبات الملقاة على عاتقها، أما الداخل إليها فهو مفقود والخارج منها مولود، وتشكل وصمة عار على جبين المنطقة، كما أنها تسيء أيما إساءة إلى الوطن، بعيدا عن الحركة النابعة من الوطنية التي تجر المشهد السياسي العام إلي معارك بين الناخب والمنتخب، بين الناخب والمؤسسات التمثيلية والممثلة  لسلطات الوصاية، حيث أن المطلب الذي يفرض نفسه اليوم في ظل الرهانات العالقة هو تأسيس حجر الزاوية وهندسة التوازن وتقسيم الأدوار انطلاقا من مبدأ القرار مرورا بتفعيل البرنامج بشكل واع بحس المسؤولية المنوطة بالجميع مع استيعاب وإدراك قيمة الرهانات والمعيقات، سعيا للنهوض بمتطلبات المواطنين.. إذ الجميع أمام فرصة ذهبية تؤسس لمنظور جديد كفيل  بتدبير التراب المحلي في علاقته بالمؤسسات الإدارية والجهوية المستحدثة، الذي لزاما ينبغي أن يعتمد على مفهوم "القوة الاقتراحية" على أساس آليات التشاركية الفعالة بدل التقاطبية الجوفاء، وكذا نهج سياسة التوافق التي تؤكد على قدرة المنتخب السياسي  للإسهام بعقلية منفتحة ومثمنة للآراء والتصورات الخادمة للشأن المحلي الترابي، كما أنها تستشرف التحكم في المتغيرات بتنزيل مسؤول لأسس المشاريع التنموية عمليا يسير بالتطور في المجال لتعزيز قيمة مطالب وحاجيات المواطن نوعا وكما، فحري بالسادة المسؤولين استيعاب مركزيتها وما يستنطق منها لبلوغ المنشود من وراء الأدبيات السياسية لدولة الحق والمؤسسات، ينعم فيها المواطن بعدالة اجتماعية حقيقية في كل المجالات الحيوية.

Sidi-Yahya-Zair-1

فمع عزوف الأغلبية العظمى من المواطنين عن المشاركة في العملية السياسية برمتها، فالمواطنون يأملون في نضج منتخبيهم لتمثيلية حقيقية ونموذجية بمعايير مؤسساتية دقيقة وفعالة، وأملا، كذلك، في تامين لأهم مبدأ سطر الخطوط العريضة لمفهوم المسئولية والتمثيلية  في دستور 2011، والمؤكد على ضرورة ربط المحاسبة بالمسؤولية، والذي بات قريبا من الخرافة بدل تفعيله بشكل واقعي وملموس، القاضي بمتابعة عناصر جيل منطق "الربايع" المرتبط بالفساد والذي لا يقاربه منطق المساءلة.. فأية مفارقة هاته يعيشها المغرب بين التسطير الدستوري والقانوني والتفعيل في استحضار مشهد مازال قائما مبنيا على منطق انتزاع المناصب والمقاعد كيف ما كان الثمن؟ فأمام صمت النزاهة ترسخ قوة الفاسدين الذين لا يأبهون للقواعد القانونية الملزمة لتحريك مقتضيات المساءلة إزاء تصرفاتهم وخرجاتهم، ضاربين بذلك عرض الحائط قيمة ربط المسؤولية بالمحاسبة. من هنا نقول إن المنظومة السياسية المعتمدة داخل الإدارة المعنية التي تستحضر وفق تجليات الواقع فكرة المؤامرة على مشروع التنمية المستدامة على المستوى الحلي والجهوي، حيث يعتبر هذا انتحارا واندحارا وتأبيدا لفقه الهزيمة وعجز وإفقار مسلسل المشروع التنموي من كل قيمة إضافية.

ففي هذا المضمار نقف على أفق المشاركة المبتورة من كل فعالية وجدية ومسؤولية في ما يمكن اعتباره تسييرا وتدبيرا للشأن المحلي بالمنطقة المذكورة، لكون نوعية القيمين على الشأن العام المحلي بها يعتمدون آليات الفكر المسطح والرمادي الظاهر في بؤس تسيير الشأن الداخلي للمنطقة، إضافة إلى ذلك بعد هؤلاء عن مجهر المراقبة والمحاسبة استهتارا بمساعي المغرب بمساعي المضنية وتبخيسا للمشروع النهضوي التنموي بمجالات التنمية المستدامة، ثم لا يمكننا القول بأن عملية تنصيب المنعشين العقاريين بشكل دُغمائي قد حسم الثقل السياسي، إذ الأمر مرتبط بإنتاج جيل من النخبة السياسية بيضاء اليد سعيا لخدمة الوطن متجاوزين نعرة النفع الذاتي والمصالح الشخصية المقيتة، مع تفعيل آليات الوطنية الحقة والمواطنة الفعلية.