الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد بنطاهر: نعم للمساواة بين مزدوجي الجنسية ولا لوضعية "البدون" التي تتعارض مع القانون!

محمد بنطاهر: نعم للمساواة بين مزدوجي الجنسية ولا لوضعية "البدون" التي تتعارض مع القانون!

في مقال له يحمل عنوان "مبدأ المساواة وإسقاط الجنسية"، يعرض السيناتور، عمدة مدينة سارت (عن الحزب الاشتراكي)، جان كلود  بولار، رؤيته لموضوع إسقاط الجنسية من منظور القانون.

يتعلق الأمر بالتعاطي التبسيطي مع إعلان مجلس الدولة (نقلا عن المجلس الدستوري) الذي يعتبر أن التوفر على جنسيتين (الفرنسية وأخرى غيرها) يطابق التوفر على ميزة، وأن المساواة، على المستوى القانوني، تبرر أن الحرمان من الجنسية لن يستهدف سوى مزدوجي الجنسية دون المس بالمساواة بين المواطنين أمام القانون.

ولقد اعتبر مجلس الدولة في قراره بتاريخ 11 دجنبر 2015 أن إسقاط الجنسية يجب أن يكون منصوص عليه في الدستور "بالنظر إلى مخاطر عدم الدسترة التي تمس بالقانون العادي". ومع ذلك، استبعد حجة انتهاك مبدأ المساواة، وذلك لسببين: فمن جهة، وحسب رأيه: "إن مزدوجي الجنسية، بموجب هذا التدبير، ليسوا في الوضعية نفسها التي عليها الناس الذين يحملون الجنسية الفرنسية فقط، ذلك أن من شأن إسقاطها عن هؤلاء الأخيرين أن يجعلهم بالفعل بدون جنسية".

وقد اعتبر المجلس الدستوري الذي تم الاستشهاد به في هذا القرار أن الأشخاص الذين ولدوا فرنسيين وأولئك الذين اكتسبوها "هم في نفس الوضع فيما يتعلق بقانون الجنسية."

وهو ما جعل "المدافع عن الحقوق"، في بيانه الصادر في 23 دجنبر، يعتبر هذا الإجراء لا يتوافق مع روح جمهوريتنا "غير قابلة للتجزئة" (المادة 1 من الدستور). فيما يوضح مجلس الدولة، أيضا، أن هذا الإجراء "قد يصطدم بمبدأ حالي أساسي معترف به من طرف قوانين الجمهورية التي تحظر حرمان فرنسيي المولد من جنسياتهم".

ولا ينبغي أن ننسى أن القانون الفرنسي بشأن هذا الموضوع يتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها فرنسا في مجال حقوق الإنسان (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومبدأ ضمان الحقوق المنصوص عليها في المادة 16 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 (تأسس في كتلة دستورية)، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي قد تقرر أن إسقاط الجنسية الفرنسية تشكل تقييدا مفرطا على الحق في احترام الحياة الخاصة أو العائلية، وبالتالي تشكل انتهاكا للمادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وفي هذه الحالة يمكن أن تقرر أيضا أن طرد الشخص وإبعاده نحو بلد يمارس فيه التعذيب أو العقوبات أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة يشكل انتهاكا للمادة 3 (قارار المحكمة الأوربية لحقوق الانسان التي قضت لصالح الداودي ضد فرنسا في 3 دجنبر 2009). وفي كلتا الحالتين، يمكن إدانة فرنسا.

وتذكر ميراي دلماس-مارتي، أستاذة القانون في كلية فرنسا أن: "الجنسية الفرنسية تمثل، بالفعل، منذ الولادة، "عنصرا تأسيسيا للشخص" و"تمنح حاملها الحقوق الأساسية التي يمكن النظر  للحرمان منها من طرف المشرع العادي على أنه  مس مفرط وغير متناسب لهذه الحقوق". وتبعا لذلك، يمكن اعتبار هذا الإجراء مخالفا لمبدأ ضمان الحقوق المنصوص عليها في المادة 16 من إعلان حقوق الإنسان لعام 1789 (الذي أدرج في كتلة دستورية).

ولهذا، فإن قرار مجلس الدولة ليس كافيا لنكون متأكدين.

كما أن الشعور الذي ترتب عن هذا الإجراء في أوساط السكان الذين يعانون من وصمة العار هو سيء للديمقراطية وللجمهورية، وهو شعورهم بأنهم فرنسيون "مزورون".

يضاف إلى هذا  خطر خلق أشخاص بدون الجنسية، في حين ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لكل فرد حق التمتع بجنسية ما" (المادة 15) كما أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (التي صادقت عليه فرنسا) يرى أن الحق "غير قابل للاستثناء" حتى في حالة "الطوارئ العامة"، كما ينص على حق كل فرد "في كل مكان بأن يعترف له بالشخصية القانونية" (المادتان 4 و16).

فنعم للمساواة، خاصة عندما يمس عدم المساواة مزدوجي الجنسية أكثر من أحاديي الجنسية!

ولا لإسقاط الحقوق الذي يعزز عدم المساواة في معاملة بعض المواطنين!

ولا لإسقاط الحقوق الذي يتنكر للمبادئ الإنسانية للجمهورية!

ولا لوضعية "البدون" التي تتعارض مع القانون!

إن التوفر على جنسيتين أو أكثر ليس ميزة على الإطلاق. إنه نتاج تاريخ استعماري في جزء كبير منه.