السبت 14 ديسمبر 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي:التعبير السلمي حق مقدس والوطن لن يعذر أحدا يتجاهل التاريخ

مصطفى المنوزي:التعبير السلمي حق مقدس والوطن لن يعذر أحدا يتجاهل التاريخ

« لا أحد يعذر بجهله للقانون » عبارة فقدت لب الحكمة الذي كانت توحي به ، لأن القانون مفترض أنه زبدة تعاقد بين الحاكمين والمحكومين ، هو نتاج السلطة التشريعية المفترض أنها منتخبة من الشعب ، حيث فوض لها دور صناعة التشريع ، وبغض النظر عن إقبار مطلب مدنية الدولة والالتفاف على مطلب مبدأ وجوب سمو القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الانساني ، وبغض النظر عن شرعنة الدستور المغربي للجهل والأمية ، من خلال التراجع عن مطلب التربية والتكوين كحق مضمون بمقتضى الفصل 13 من دستور سنوات الرصاص ، الذي كان يلزم الدولة بتحقيق نتيجة ، والآن في ظل الفصل 31 لا يلزم الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية سوى ببذل عناية ، ودون ضمان أوترتيب جزاء ، فإن المطلوب إعادة النظر في هذه القاعدة ، والتي ينبغي تعويضها بوجوب ضمان الحق في الإعلام بكل ما يصدر من قوانين تهم العموم والخواص على السواء ، والذي ينبغي أن يكون من النظام العام ، تحت طائلة عدم نفاذه .

يبدو أن هذا المطلوب تحفه صعوبات واقعية ومن شأنه عرقلة مناخ الامتثال وقاعدة الإلزام والانضباط ، ومادام هذا هو بيت القصيد ، أي الامتثال للقانون وفقا لما تقتضيه قاعدة « لا أحد يعذر بجهله للقانون » ، فلماذا تتجاهل الدولة وحكومتها وموظفيها المكلفين بإنفاذ القانون أن جزاء عدم امتثال المواطنين المحتجين لأمر فض التظاهرات هو تفريقهم دون استعمال فعلي للقوة ، وبالأحرى التفريط في استعمالها ، وحتى ما سمي بالاستفزاز لا يبرر اقتراف جنحة الضرب والجرح ، وإن كان ظرفا مخففا للعقوبة ،

لقد عشنا لحظات غابت فيها هيبة القانون وانتعش التباكي على ضياع هيبة الدولة ، والحال أن تماهي الصلاحيات وما ينتج عنه من تملص من المسؤوليات ، هو الذي ينتج الارتباك ، ومهما تداخلت الأسباب والملابسات وتناقضت المصالح والتأويلات ، فإن احترام حقوق الانسان لا يعترف بالظرفيات ولا بالانتخابات ولا بالصراعات حول من له الصلاحيات ، من هنا وأمام تهرب الحاكمين من تمثل المسؤولية طبقا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ، لا يسع سوى الضغط بجميع الوسائل ، المشروعة طبعا و السلمية ، من أجل إصلاح الاختلالات والأعطاب التي تعتري الهندسة الدستورية ، لأنه يبدو جليا أن بعض الحاكمين يصرون على رهن الوطن للمجهول ، رغم أن مهندسي « النظام العام » ينتابهم يوميا توجس اللا يقين ، وعوض أن يصوبوا فوهات البنادق نحو العدو الحقيقي ، يغطون الطرف عن انتظارات المجتمع والتي ليست سوى العيش بكرامة والعدالة والأمن الإنساني ، وكلما مارس المواطنون حقهم في التعبير ، إلا وووجهت مطالبهم وأجسادهم بانتهاك أعظم بعلة أنه تمت مخافة القانون بعدم الترخيص ، رغم أن الترخيص « بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار » ، لأن المغرب يأخذ بمبدأ التصريح وفق ظهائر الحريات العامة ، هذه الظهائر التي تجبرنا على التذكير بأن أسباب نزولها كونها صدرت كبديل يحفز المواطنين على تسليم السلاح الذي لم يعد المقاومين في حاجة إليه ، بخروج الاستعمار ، وأنه يمكن التعبير والتنظيم والتجمع جماعيا بمجرد تصريح بالأهداف السلمية ، لذلك « لن نعذر أحدا بجهله للتاريخ وأسباب النزول »