الخميس 18 إبريل 2024
ضيف

أحمد بيضي: من المجحف ألا يتم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية على غرار السنتين الهجرية والميلادية

أحمد بيضي: من المجحف ألا يتم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية على غرار السنتين الهجرية والميلادية

هل الدستور كوثيقة مرجعية قانونية صوت عليها الشعب المغربي تحتاج إلى تدخل جهات عليا لتفعيله على أرض الواقع؟ ألا يعتبر البطؤ والتلكؤ في أجرأة مضامين دستور 2011 مزايدة سياسوية من طرف من أوكل لهم الشعب تدبير الشأن الوطني؟ وأسئلة أخرى تروم قراءة  نصّ الفصل الخامس من دستور المملكة الذي ينص على كون اللغتين العربية والأمازيغية رسميتين في البلاد ... لكن إلى حدود اليوم مازال البطؤ والتلكؤ يطبع مسار تنزيل وأجرأة هذا الفصل الدستوري مما دفع بنشطاء الجسم الحقوقي والمدني والسياسي والحركة الأمازيغية إلى التحرك واتخاذ مبادرات ومواقف ( توقيع عراض ) للتعجيل بالاعتراف باللغة الأمازيغية وترسيمها تماشيا مع مطالب ذات الحركة ....أنفاس بريس وجهت أسئلة في الموضوع للفاعل المدني والحقوقي والإعلامي عضو المجلس الجهوي لحقوق الإنسان الأستاذ أحمد بيضي ابن جبال الأطلس وكان رده كالتالي :

 

 

مرت الآن أكثر من أربع سنوات في عمر التنصيص على الأمازيغية في دستور 2011 ولا يزال نشطاء الحركة الأمازيغية يطالبون بتنزيل وأجرأة مضامينه. كيف تقرأ هذا المسار البطيء؟

من المخجل طبعا أن نصطدم بوجود ملفات لها صلة بحقوق الإنسان لا زالت حبرا على دستور، وأن تدريس اللغة الأمازيغية أخذ يعرف تعثرا وتراجعا، ويؤسفنا أكثر تصريحات مثيرة من قبيل خرجة رئيس الحكومة بخصوص ملف تنزيل الأمازيغية، على أساس أنه "في حاجة لتدخل جهات عليا لتفعيله على أرض الواقع"، في تناقض مع هذه الجهات المتمثلة في خطاب الملك أمام أعضاء مجلسي البرلمان، خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة للولاية التشريعية التاسعة، وهو يدعو فيه إلى ضرورة تفعيل مقتضيات الفصل 86 من الدستور الذي يشدد على ضرورة عرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان.

وأرى أن البطء في تنزيل وأجرأة الأمازيغية يعود بالأساس إلى بعض المزايدات السياسوية والكواليس الهامشية والمخاوف الإيديولوجية التي تحول دون ترسيخ المكتسبات التي تراكمت في توجهها نحو النهوض الفعلي بالأمازيغية، وتفعيل تنصيصها بشكل رسمي، وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي لا يزال هو الآخر مطلبا مبعدا عن توجهات تعزيز الديمقراطية اللغوية، وعن مقاربات التصحيح الفعلي للإجحاف والميز الذي تعاني منه الأمازيغية لغة وثقافة وهوية، رغم أنها أضحت مسألة دستورية ولغة رسمية بمعنى لغة مؤسسات.

-                     ما هو السبيل، بصفتكم فاعلا حقوقيا، للتسريع بأجرأة ترسيم اللغة الأمازيغية واتخاذ قرارات ترمي إلى تجسيد هذا المكسب الدستوري على أرض الواقع؟

من باب حقوق الإنسان، أضم صوتي لمختلف الحساسيات والفعاليات الداعية إلى أجرأة ترسيم اللغة الأمازيغية، كما هو منصوص عليه في الفصل الخامس من الدستور الجديد، على أساس كونها لغة وطنية ورسمية بجانب اللغة العربية، والسبيل إلى ذلك يمر عبر سن ما يجب من القوانين الضامنة لنجاح وترسيم هذه اللغة وضمان الحماية القانونية لها، مع إحداث لجنة دستورية لتدبير التعدد اللغوي بالمغرب والإنصات الملموس للمطالب الأمازيغية ضمن الرهانات السياسية والدستورية، انطلاقا من الطابع التعددي للهوية المغربية الغنية بتنوعها الثقافي واللغوي والتاريخي، مع الوعي بأن اللغة الأمازيغية تشكل إرثا مشتركا لدى عموم المغاربة، وطريقا سلميا للتعايش والتسامح.

-                     لماذا لم يستجب رئيس الحكومة لمطلب ترسيم عيد السنة الأمازيغية والذي هو في أخر المطاف طقس احتفالي مغربي (يناير الفلاحي) يدخل ضمن الموروث الثقافي الشعبي المغربيالمشترك؟

أعتقد كباقي المهتمين بالشأن الوطني، أن عدم استجابة رئيس الحكومة لمطلبترسيم المناسبة عيدا وطنيا وعطلة رسمية في مؤسسات الدولة، وتهربه من الحديث في الموضوع لدواع إيديولوجية معروفة ومنطلقات يطبعها التردد والارتباك ووهم زعزعة الاستقرار، يعود بالأساس إلى غياب إرادة سياسية حقيقية للتعاطي مع هذا المطلب، مع أنه لا يوجد أي مبرر يسمح بالعمل بالدستور القديم، ولعل ذلك جزء منصمت باقي مكونات الحكومة في هذا الصدد، ومعها صمت العديد من الإطارات الفاعلة في المجتمع، ومن المجحف ألا يتم الاحتفال بحلول رأس السنة الأمازيغية على غرار السنة الهجرية والسنة الميلادية في الوقت الذي تعتبر فيه بلادنا نموذجا في مجال رعاية التنوع الثقافي.

ومعلوم أن العديد من مناطق البلاد تعرف احتفالات ومهرجانات ثقافية وفنية من تنظيم جمعيات ثقافية على أساس أن التقويم الأمازيغي هو أقدم تقويم عرفته البشرية، ومن المفروض على الدولة اعتبار المناسبة مغربية أمازيغية أصيلة بعاداتها وتقاليدها وأعرافها، وجزءا لا يتجزأ من قيم الارتباط بالأرض منذ آلاف السنين، ومن الهوية أو الذاكرة المغربية المتجذرة، والمؤكد أن رئيس الحكومة على علم تام بالتوصية الصادرة عام 2010 عن لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، وهي تطالب الحكومة برد الاعتبار للموروث الثقافي الأمازيغي، بما فيه إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، بالأحرى إضافة ما ينص عليه الدستور من بنود تدعو إلى الاعتراف الجدي بالثقافة والهوية الأمازيغية.

-                     ما هو موقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان من قضية ترسيم اللغة الأمازيغية واعتمادها كمكون أساسي في مختلف الفضاءات الإدارية والتربوية والاجتماعية؟

باعتباري عضوا باللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، أؤكد لكم أنه في إطار مهامه من أجل تعميق النقاش والحوار حول مفهوم الحقوق اللغوية والثقافية وآليات حمايتها، وفي استحضار المرجعية الدستورية والمواثيق الدولية ذات الصلة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كان المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد أعلن عن إعداد مذكرة بخصوص تفعيل مقتضيات الفصل الخامس من الدستور المتعلق بالمسألة اللغوية والطابع الرسمي للأمازيغية، وفات لرئيس المجلس، خلال افتتاح الدورة العاشرة العادية للمجلس، أن شدد على ضرورة استكمال إصدار القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور، ومن ذلك إخراج القوانين التنظيمية ذات الصلة بتكريس الطابع الرسمي للأمازيغية.

 

 وفي هذا الإطار أيضا كانت قد وجهت دعوة إلى العديد من فعاليات الحركة الأمازيغية للاستماع والتشاور بغاية جمع ما يمكن من التصورات والمقترحات فيما يتعلق بأجرأة ترسيم الأمازيغية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، ولا بد هنا التذكير بأن المجلس الوطني (الاستشاري) لحقوق الإنسان والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كانا قد وقعا سنة 2008 اتفاقية تعاون وشراكة.

-                     كلمة أخيرة؟

اسمحوا لي أن انتهز هذه الفرصة، بمناسبة حلول رأس السنة الأمازيغية 2966، للمطالبة بإطلاق سراح جميع معتقلي القضية الأمازيغية، وباقي معتقلي الرأي والتعبير بالمغرب، وفي مقدمتهم المعتقلين حميد أعضوش ومصطفى أسايا، اللذين اعتقلا وهما يناضلان من أجل ترسيخ الحقوق الهوياتية واللغوية والثقافية الأمازيغية.