الجمعة 26 إبريل 2024
في الصميم

فطنة الوالي سفير تجهض «همزة» العمدة العماري

فطنة الوالي سفير تجهض «همزة» العمدة العماري

الحمد لله أن للمغرب ربا يحميه، وإلا لبادر عمدة البيضاء إلى جلب منشار لقطع أوصال الدار البيضاء لبيعها في المزاد العلني باسم «الديمقراطية المحلية» وباسم «تمثيلية الشعب».

ففي التجارب السابقة كان بعض المسؤولين يمصون الميزانية وينهبون المال العام «على عينيك يا بنعدي» إما لتمويل مشاريعهم الشخصية أو لتمويل قلاعهم الانتخابية، لكن على الأقل كانوا «منسجمين» مع مرجعيتهم «الابتزازية» ولم يكونوا يمطرقون الرأي العام بالخطب والشعارات التنموية. أما اليوم، فإن العمدة الجديد للدار البيضاء، أبدع صيغا جديدة في «الافتراس المالي» لتهريب أموال الدار البيضاء ليس لخدمة الصالح العام بل لخدمة أجندة انتخابية فاضحة لحزبه ولأنصاره.

فسنة 2016 هي سنة انتخابية بامتياز، بالنظر إلى كون المغرب يرتقب أن ينظم الانتخابات التشريعية. وفي نفس الوقت نجد بأن سنة 2016 هي السنة «الهمزة» لحزب العمدة العماري، بحكم أنها أول سنة تشهد إعداد ميزانية «بيجيدية» خالصة (كان «البيجيدي» يصوت على كل قرارات ساجد في الولاية السابقة، أما اليوم فلحزب المصباح الأغلبية الكاسحة).

فبتاريخ 12 نونبر2015 قلنا إن العمدة العماري، الحائز على 0.3 في المائة من أصوات الناخبين بالدار البيضاء فقط، سيرهن مصير المدينة والمغرب (انظر العدد 633). وهاهي المخاوف تترجم على أرض الواقع في الوثيقة الأولى لمشروع ميزانية 2016 والتي رفضها الوالي خالد سفير.

وعلى عكس ما روج له العمدة العماري من كون المصالح التقنية هي التي هيأت الميزانية، فإن قراءة عالمة و حصيفة للتوجهات الأولى التي رسمها حزب «البيجيدي»، تظهر أن هناك نية لاستغلال موارد مدينة الدار البيضاء لتسمين القلاع الانتخابية ولتوسيع الوعاء السياسي للحزب الحاكم بالدار البيضاء على حساب الأحزاب الأخرى بشكل يضرب مبدأ تكافؤ الفرص من جهة ويمس بنبل العملية السياسية من جهة ثانية.

فرغم علم العمدة، وهو الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان (مع ما يعنيه ذلك من وجوب الإلمام بالنصوص التي يصادق عليها البرلمان) من أن القانون ينص على إدراج النفقات الإجبارية في الميزانية الخاصة بكل جماعة محلية، فإنه تظاهر بأنه يجهل هذا المبدأ، وبادر إلى تحويل معظم النفقات الإجبارية إلى فصول بعينها لاستمالة الناخبين، وهي فصول لها علاقة بالفئات الاجتماعية الهشة التي تشكل الخزان الانتخابي لحزب المصباح (الفصول الخاصة بشراء الأغذية في رمضان والعمل الخيري ومساعدة الجمعيات الرياضية إلخ...). وبالتالي بدل أداء النفقات الإجبارية ( ديون + مساهمات في دعم ميزانية مرافق محلية مثل النقل عبر الطرام والنظافة والإنارة العمومية وعدادات الماء بالحرائق إلخ...) تم ابتلاع هذه المبالغ وتحويلها إلى «الفصول الحربية الانتخابية».

كيف يفسر لنا العمدة - الوزير أنه تجاهل رصد 18 مليار سنتيم للنظافة كديون وهو العضو في حكومة يرأسها حزبه ويشرف زميله (الأزمي) على حقيبة الميزانية؟

كيف يفسر لنا العمدة - الوزير تجاهل رصد حصة الجماعة في الترامواي (6.5 مليار درهم) وهو العضو في حكومة وقع رئيسها على المونطاج المالي للترامواي وأشر وزير الميزانية (الأزمي) عليها؟

كيف يفسر لنا العمدة الوزير تجاهل إدراج 7 مليون درهم لتغطية مصاريف الماء والكهرباء في الأحياء والمناطق الجديدة التي تم ضمها للدار البيضاء بمرسوم موقع من طرف رئيس الحكومة، وتم فتحها في وجه التعمير بموجب مرسوم موقع من طرف رئيس الحكومة؟

كيف يفسر لنا العمدة - الوزير تجاهل إسقاط سداد الديون المستحقة على بلدية البيضاء وهو العارف بمبدأ «استمرارية الإدارة» و«استمرارية المرفق العام»؟

كيف يفسر لنا العمدة - الوزير أن تهريب هذه الأموال لم يتم لإحداث قنطرة جديدة أو نفق جديد أو منتزه «واعر» أو مسبح «عظيم» بالدار البيضاء أو مختبر «ديال لفريع» بجامعة الحسن الثاني، بل حولها لفصول بعينها: إعانة الجمعيات (نفخ فيها ب2 مليون درهم) إعانة مؤسسات أخرى اجتماعية (نفخ فيها ب4 مليون درهم) شراء قفة رمضان (نفخ فيها ب 900 ألف درهم) - تسمين المنتخبين بدعوى التكوين (نفخ فيها بـ 800 ألف درهم) - منح الجمعيات (نفخ فيها ب 4 مليون درهم) وهكذا دواليك.

فإذا كان موقف العمدة العماري متينا وقويا لماذا لم يقنع الوالي خالد سفير بصدقية طرحه ومشروعية رؤيته؟

الجواب معروف: الوالي سفير فطن لتحايل عمدة الدار البيضاء ورفض التأشير على الميزانية «المخدومة»، وهو ما رضخ له العماري وصاغ من جديد مشروع ميزانية 2016 حسب ما ينص عليه القانون. لأن المال العام وضع لخدمة المصلحة العامة وليس لخدمة حزب على حساب أحزاب أخرى. وإلا ما الفرق بين حزب أو مسؤول يمول حملته الانتخابية بأموال حرام وحزب أو مسؤول يمول حملته الاننخابية بأموال البلدية ؟!

أليس من واجبنا أن نحمد الله على أن المغرب له رب يحميه.