الأربعاء 8 مايو 2024
في الصميم

رسالة عمدة شيكاغو الأمريكية إلى العماري العمدة البيضاوي

رسالة عمدة شيكاغو الأمريكية إلى العماري العمدة البيضاوي

في زيارة سابقة قادتني إلى مجموعة من المدن الامريكية، ومنها مدينة شيكاغو التي كان لي فيها برنامج حافل باللقاءات مع مهندسي وأطر البلدية وبعض منتخبيها دام خمسة أيام.

قبل انتهاء البرنامج، طلبت من الخارجية الأمريكية (الجهة الراعية للزيارة) أن ترتب لي لقاء مع أعضاء بمكتب مدينة شيكاغو لاستطلاع رأيهم ومعرفة الإكراهات التي يطرحها تدبير إحدى أهم المدن العالمية.

فعلا تم ترتيب الموعد، والتقيت بمساعدي العمدة. وبما أن مقر البلدية يعد تحفة معمارية، أبى مسؤولو شيكاغو إلا أن أطوف بكل الأجنحة للاستمتاع بجمال وروعة هندسة المقر .

وأنا اتجول في ردهات بناية البلدية رفقة مساعد العمدة والمترجم الذي وضع رهن إشارتي، أصابني الذهول في الطابق الخاص بالصحافة، حيث خصصت بلدية شيكاغو لكل وسيلة إعلام (مكتوبة، مرئية، مسموعة، إلكترونية) مكتبا مجهزا بكل ما يحتاجه العمل الصحفي حتى يتسنى لممثلي وسائل الإعلام متابعة ما يجري بالمجلس البلدي من جهة، ولإخبار الراي العام من جهة ثانية. ليس هذا وحسب بل تحرص البلدية على بث كل مداولاتها ليكون المواطن على بينة من المعطيات .

سألت مرافقي: لماذا هذا الاستثمار والحرص على تمثيل معظم وسائل الإعلام؟ أجابني: ليس استثمارا، بل هو واجب من جهة وليكون الكل مرتاحا (سواء الناخب أو المنتخب) وغير مرهون بالإشاعة والأخبار المغلوطة من جهة ثانية. فاختلاف وتعدد وسائل الإعلام هو ضمانة لكي نمنع الأكاذيب والرأي الواحد ونمنع احتكار تيار سياسي للشأن العام. وأيضا، لكي تشيع ثقافة الثقة في المجتمع. وبالتالي فالمدينة -أيا كان اللون السياسي للحزب الذي يسيرها- يكون ملزمة باحترام هذا التعهد، أي ضمان حق المواطن في المعلومة والأخبار.

استحضرت هذه الزيارة وأنا اتابع التصرف اللامسؤول الذي صدر عن مسؤولي بلدية البيضاء بأمر من العمدة العماري، يوم الاربعاء 23 دجنبر 2015، القاضي بتجفيف بناية البلدية من الحضور الصحفي ومنع زميل من التصوير في جلسة علنية وعمومية، يا حسرة.. وما تلا ذلك السلوك من انسحاب الصحافيين من القاعة.

المفارقة أن بلدية البيضاء متوأمة مع بلدية شيكاغو. وهنا يكبر السؤال: ما الذي ربحته البيضاء من هذه التوأمة إن لم يستنسخ مسؤولونا الإشراقات الأجنبية؟

للجواب يتعين استحضار سؤال أكبر: قبل استلهام التجارب المشرقة من الخارج، لماذا داس العمدة/ الوزير على الدستور الذي نص على احترام الحق في الولوج للمعلومة؟.

سأعود لفضيحة رفض ميزانية مدينة البيضاء التي أشر عليها العمدة الوزير، من طرف وزارة الداخلية.