الثلاثاء 23 إبريل 2024
في الصميم

«البيجيدي» من حزب «نصير» للإرهاب إلى «غراق» لا يرحم !

«البيجيدي» من حزب «نصير» للإرهاب إلى «غراق» لا يرحم ! عبد الرحيم أريري

من يتذكر ما كان يقوله زعماء البيجيدي حول الإرهاب حينما كانوا خارج الحكومة؟ ألم يعتبروا الإرهاب «ورقة مخابراتية» لإخراجهم من سباق الانتخابات؟ ألم يرفعوا «المظلمة» إلى رئيس الدولة؟ ألم يعتبروا أن الزج بأصحاب اللحى «الأبرياء» و«الأتقياء» و«الأصفياء» حرب على الإسلام والمسلمين، وأن الإرهاب الحقيقي تمارسه الأحزاب الوطنية والأحزاب العلمانية من أجل استئصالهم من المشهد السياسي؟ فماذا وقع الآن حتى غيَّر «البيجيديون» خطابهم، وقاموا بدورة كاملة على ما كان يعتقدونه قبل أن يدخلوا إلى الحكومة؟ هل هي عودة إلى الرشد أم انسياق مع ما تقتضيه المرحلة من تبرئة الذمة من الخلايا النائمة والذئاب المتفردة؟ لقد كان القيادي مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، في طليعة المدافعين عن السلفيين الجهاديين، وحامل ملفهم، وطالب العفو عنهم، والمنادي بإدماجهم، وصوت نصرتهم ومعبىء الشارع لصالحهم. أما الآن، فهو الذي يشرف على التحقيقات الجارية بخصوص تفكيك الخلايا الإرهابية، حيث تحول، بقدرة قادر، من «نصير » إلى «غراق» لا يرحم. فهل موقعه الآن كوزير للعدل وكرئيس للنيابة العامة أمده بالمعلومات الضرورية ليتوب إلى رشده ويرجع عن غيه؟ إذا كان الأمر كذلك، عليه أن يقدم اعتذارا مفتوحا للمغاربة على «التغليط»، الذي مارسه عليهم، ويقدم اعتذاراً إلى عائلات الضحايا الذين راحوا غدرا. وإلا ما معنى التناقض الكبير بين خطاب الأمس وخطاب اليوم؟ ألا ينم ذلك عن النفاق السياسي الذي يمارسه هذا الحزب بلا خجل، ودون مراجعة نقدية للذات؟ لقد انتفض البيجيدي ضد قانون الإرهاب، غير أنه لم يملك الشجاعة الكافية للاعتراض عليه، واعتبره سيفا مسلطا على رقبته، وأنه ذبح للقانون والحريات. لم يمتلكها لأنه كان محاصرا إيديولوجيا بالدماء، وأيضا بملء المهمة التي من أجلها تم تأسيسه، وهي محاربة اليسار والتضييق على الحريات، وإدخال المغاربة في معترك أصولي يجعلهم دائما خاضعين. لم يمتلكها لأنه كان يعرف أن مقاربته للإسلام تنتج الجهاديين، وأنه ليس بريئا تماما من التهمة، ما دامت تحقيقات اعتداءات 16 ماي قد قادت إلى اعتقال بعض عناصره والموالين له. الآن، هذا الحزب الملتحي هو الذي يدير ملف الإرهابيين على المستوى المسطري القانوني، وهو الذي يعلم مدى تعقيدها وتشابك خيوطها، فهل يملك بنكيران، الأمين العام لهذا الحزب ورئيس الحكومة، الجرأة الشاملة من أجل إزالة القناع عن الفاعل المجهول الذي ارتكب الاعتداءات؟ هل بمقدوره تكذيب الأحزمة الناسفة والسيوف والسواطير والمسدسات والقنابل والمتفجرات التي تم حجزها مع المتورطين؟ هل بمقدوره تغليط رجال الأمن الذين يقفون بالمرصاد للإرهابيين؟ لقد سبق للبيجيدي أن انحنى للعاصفة بتصويته على الإرهاب، فهل سينحني مرة للنفاق الذي يركب ظهره الآن، أم سيملك الشجاعة للاستحياء من نفسه، كأن يعلن أمام جميع المغاربة أنه كان على خطأ، وأنه كان يناور من أجل الوصول إلى الحكومة، ليس غير، وأنه ركب على دماء الضحايا وعلى جثثهم ليتمكن من ذلك؟.