الأحد 22 سبتمبر 2024
خارج الحدود

الجزائر على أبواب " جهنم" للخروج من منطقة" ترانزيت" ودخول منطقة توريث الحكم لسلالة بوتفليقة

الجزائر على أبواب " جهنم"  للخروج من منطقة" ترانزيت" ودخول منطقة توريث الحكم لسلالة بوتفليقة

خريف الجزائر سيكون أكثر حرارة من الصيف  2015،...فالأمور تتجه إلى الحسم في الجزائر، وكل فريق يعد العدة، ويحضر أوراقه في أكبر وأهم لعبة «بوكر» تقرر مصير الجزائر لعقود مقبلة. هكذا تتنبأ " القدس العربي"،  للوضع الجزائري، إذ اعتبرت الصحيفة الدولية،أنالجزائر تعيش في منطقة «ترانزيت» منذ أكثر من سنتين، أي منذ إصابة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بجلطة دماغية أبريل 2013 ونقله على جناح السرعة إلى مستشفى «غال دوغراس» الباريسي، فمنذ ذلك الوقت لم يعد الرئيس يمارس صلاحياته ومهامه بشكل عادي، فقد غاب لأكثر من 80 يوما، ولما عاد لم يكن وضعه الصحي وهو يصل إلى الجزائر على كرسي متحرك يسمح له بأن يعود مثلما كان، كما أن الجزائر أضحت منذ ذلك الوقت فوق رمال متحركة، وبعض المراقبين يرون أن شرارة الصراع الدائر حاليا انطلقت منذ ذلك الوقت، ويعتقدون أن السبب هو تحقيقات الفساد التي جاء فيها ذكر اسم شقيق الرئيس بوتفليقة ومستشاره السعيد بوتفليقة، فهناك من يؤكد أن الرئيس هو من طلب أن تجرى تلك التحقيقات دون استثناء لأحد، والبعض الآخر يقول إن جهاز المخابرات وقائده السابق الفريق محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق هو من قام بتلك التحقيقات، وأن من نتائجها إصابة الرئيس بنوبة غضب أدت إلى الجلطة الدماغية.

حرب باردة                     

مباشرة بعد عودته من رحلة العلاج الباريسية، شرع في الإعلان عن مجموعة من القرارات، وكان من أول ضحاياها مسؤول خلية الصحافة في جهاز المخابرات العقيد فوزي، الذي كان الكثيرون يسمونه رئيس تحرير كل وسائل الإعلام أو أغلبها، ولكن المراقبين في وقت أول أرجعوا إقالة فوزي إلى سببين الأول هو علاقته بالصحافي والضابط السابق هشام عبود صاحب صحيفتي «حريتي» و«موجورنال» (المتوقفتان عن الصدور) والذي كان قد أثار جدلا بنشره معلومات عن صحة الرئيس بوتفليقة، ثم انتقد شقيقه ومستشاره السعيد بوتفليقة، والسبب الثاني التي قدمت لتبرير هذه الإقالة

 هي الطريقة التي تم بها تسيير ملف مرض الرئيس إعلاميا، ولكن تبين بعد ذلك، أنه بصرف النظر عن الأسباب التي أدت إلى إقالة العقيد فوزي، فقد كانت بداية لسلسلة

طويلة من التغييرات والإقالات والتحويلات والتي سميت إعادة هيكلة، فيما اعتبرها البعض تفكيكا مبرمجا لجهاز المخابرات وحصارا فرض شيئا فشيئا على قائده القوي الجنرال توفيق.

الصراع الذي اندلع في تلك المرحلة بالذات كان حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فبعد أخذ ورد تقرر أن يدخل الرئيس بوتفليقة تلك الانتخابات للظفر بولاية رئاسية رابعة، ورغم الجدل القائم حول هذا الترشح، فإن الفريق مدين كان ضد ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة، وهذا الكلام جاء على لسان عمار سعداني زعيم حزب الأغلبية، الذي أعلن الحرب على الجنرال توفيق، وهو ما اعتبر زلزالا سياسيا ظل الجميع يترقب ارتداداته، وتواصلت الحرب الباردة بالموازاة مع مرور مشروع الولاية الرابعة بالقوة، كما أن مشروع إعادة الهيكلة أو التفكيك ظل سائرا بالموازاة مع كل هذا، وشهد جهاز المخابرات سلسلة إقالات مست كبار قياداته، بمن فيهم اللواء عثمان طرطاڤ الذي كـــان مــســؤول جهاز الأمن الداخلي، والذي قدم آنذاك على أساس أن إبعاده جزء من مسلسل إضعاف الجنرال توفيق، لكن تبين العكس بعد ذلك.

تعايش فطلاق

الأمور هدأت نسبيا بعد الانتخابات الرئاسية وتحقق مشروع الولاية الرابعة، لكن سرعان ما اندلع الصراع مجددا، فمشروع الدستور ظل يراوح مكانه، والكلام القادم من الكواليس يتحدث عن تحضيرات لتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، ورحيل الفريق الحاكم، وأعطي موعد شهر أكتوبر لحسم هذا الصراع، لكن الأمور سارت على نحو مختلف، إذ تفاجئ الجميع بالإعلان عن إنهاء مهام الفريق محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق وتعيين عثمان طرطاڤ على رأس جهاز المخابرات، علما وأن طرطاڤ كان قد أسترجع من طرف الرئاسة منذ حوالي سنة، بتعييه مستشارا للرئيس مكلف بالشؤون الأمنية، وصدر بيان عن الرئاسة لتأكيد الخبر، خلافا لما كان عليه الأمر بالنسبة لكل الإقالات السابقة التي لم يتم الإعلان عنها بشكل رسمي.

الطلاق الذي وقع كان مفاجئا، رغم أن التحضير له استغرق أكثر من سنتين، وتطلب تحالفات كثيرة، لكن الأمور لم تحسم بعد بشكل نهائي، فنفس السؤال الذي كان مطروحا منذ أكثر من سنتين ما زال قائما: من سيخلف الرئيس بوتفليقة في الحكم؟ فوضعه الصحي يجعل من الصعب الذهاب به إلى نهاية الولاية الرئاسية الرابعة التي تنتهي سنة 2019، حتى وإن كان هذا الاحتمال قائما ما لم يتم التوصل إلى إجابة عن السؤال السابق.

ليس سرا على أحد أن الجيش كان صانع الرؤساء بطريقة أو بأخرى منذ الاستقلال، وجهاز المخابرات كان الجهاز العصبي الذي يرسم صورة الرئيس ويختاره على أسس تحالفات وتنازلات، لكن اليوم المخابرات لم تعد قادرة على التأثير بالشكل الذي تعودت التأثير به، والجيش لم يعد له تلك الاستقلالية عن الرئاسة التي تجعله قادرا على صناعة رئيس أو المساهمة في صنعه، في المقابل هناك شبه إجماع على أن شقيق الرئيس بوتفليقة نجح في أن ينسج حوله شبكة علاقات قوية من رجال الأعمال وحتى من قادة عسكريين، وأن هذا «التحالف» الجديد هو من سيصنع الرئيس القادم، فبالنسبة للجنرال المتقاعد حسين بن حديد، مشروع التوريث يسير على خطى شبه ثابتة، وأن الوحيد الذي يستطيع الوقوف في وجه السعيد بوتفليقة هو الفريق أحمد قايد صالح، مشيرا في المقابل إلى أنه ( قايد صالح) سيأتي عليه الدور قريبا في إطار مشروع إعادة الهيكلة وسلسلة التغييرات داخل المؤسسة العسكرية.

وعلى أي حال فإن الحسم يبدو قريبا، والجهة التي تريد أن تصنع رئيسا، ستعمل على أن تميل كفة ميزان القوى لصالحها في أقرب وقت ممكن، فقد ثبت في إطار هذا الصراع أن الذي يحرك قطع الشطرنج قبل غيره لديه أوفر حظ في حسم الأمور لصالحه، وأن الوقت ليس في مصلحة أحد.