بـات الـعديد من أفــراد الجـالـية يـتـخـذ مـن خـطـاب الـعـرش يـولـيوز 2015 مـرجعية أسـاسـية وخـارطـة طـريـق مـهمـة تـضمـنت إعــلانـا واضحـا عـن تـثـبـيت لـحقــوق مكـتـسبة بـقـوة الـقـانـون وروحـه..

ومبعـث فـخـر الجالـية بالخطاب هـو جـانب الـتنبـيه إلى الـشـق الأخـلاقـي في تعـامـل الـمسؤوليـن مع الـجالية والالـتـزام بخـدمة أبـناء الـجالية وهـي صيغـة لا تهـدف إلى رفــع المهاجـر إلى مـواطـن "فــوق الـعـادة" ولـكـن فـقـط مـواطـن بخصـوصيات معـينة...

الـيـوم وعـلى بعـد حـوالـي شهـريـن مـن الـخطاب الـملـكي، والــذي تضمن تــوبيـخـا للـديبـلومـاسية المغــربية مـن خـلال وجــوب إنـهـاء مهـام  كـل مـن ثـبت فـي حـقـه تـحقـيـر أو استخـفـاف بمصالـح الـجالـية أو ســوء معـامـلتهم...

اتجهـت الأنظـار إلى مطبـخ مـديـريـة الـقنصليـات بـوزارة الـخارجية والـذي يحـاول إضفـاء طـابـع "شـبـه سـري" على أشغـالـه، مـع الـعلم أن الـخطاب كـان واضحا في تـشخيصه للأعطـاب الـقنصلية،  كما أنـه حـدد مُسبـقـا الــشروط الــواجبة في  قـناصلـة الـمستقبل وحصـرهـا في الكـفـاءة والمسؤولـية والالـتــزام بخــدمة الـجالية... وبصيغــة أخـرى ضرورة تــوفــر شــروط الـتحصيل الـعلمي الـعـالي والـتجربة الـقنصلية والـديبلوماسـية حسب مـرسوم مـوظفي وزارة الخـارجية  بالإضـافة إلى الجـانب الأخـلاقي المُـحدد في المسـؤوليـة والالتــزام الأخلاقـي..

وتـنـفـيـذا لخطـاب الـعـرش فقـد تـشكـلت لجـان تـفـتـيش أُنـيـط بهـا إعـداد تقـاريـر عـن الـقنصليـات مـوضع الاتـهـام والـشكايـات...!

لكـن الـمفاجـأة هـذه الـمرة تـأتـي مـن الـجسم الـقنصلي نفـسه، والــذي شكـك الـبعض منه في طـريقة  قــراءة الـوزارة لإصلاح تـلك الأعطـاب، بـل  حـاول الـبعض  منهم تقـريب  الـصورة ونـشـر في شكـل مقـال هـذه الطـرق (لــدينا نسخة) بطـريقـة تُـدْخـل الـشك في الـنفس وأن يــد الانتـقـام سـتـطـال قـناصلـة  شـرفــاء ودلـيـلهـم  أن الخطـاب نـفسه لـم  يـشمـل أغـلبية الـقناصلـة، بـل الـبعض منهـم..

بـدورنـا وتـعميمـا  للـفـائـدة  نُعـيـد  قــراءة  للـجـان الـتفـتيش:

أولا من حيث "تكـويـن اللجـان والـتي ضمت موظفيـن لـم يلتحقـوا بـوزارة الخـارجية إلا  لـمدة سـنة أو سنتيـن ولـيس لهـم أي خبـرة في الـمجال القنصلي ولا أي اطـلاع على الـمشاكل الـتي تُـعاني منها الـجالية المغربية، أو قـناصل سابقيـن لـم يتـوفقـوا فـي مهامهـم الـسابقة حسب شهادات أفــراد الـجالية أنفسهــم وكـانت وزارة الخارجية قد اضطـرت حينئذ إلى إنهـاء مهامهـم بالخارج قبـل الأوان ولـم تسند لهـم مسـؤوليات بعد ذلك..

وثــانيــا مـن حـيث تــوقيت عمـل لجان الـتفتيش التي حلت  ب 18 قـنصلية من أصل 54 قنصلية و90 مصلحة قنصلية تابعة لـسفارات المملكة بالـخارج.. تزامنت زيارة هذه اللجان مع شهــر غـشت أي شهـر العطـل بامتـياز وخـلاله يعـود أكثـر من 60 بالمائة من أفــراد الجالية إلى الـوطـن الأم ويـقـل حجـم الـعـمل بالـقنصيات إلى أدنى مستـوى كما أن جُــل الـموظفين يستفـيـدون من عطلتهـم الإداريـة خلال هـذه الـفترة بسبب تمـدرس أبنـائهـم.. وقــد خصصت هـذه اللجان لكـل قنصلية يـوما أو يـوميـن لا غيـر، وقــد تمـت بـرمجة زيارة بعض القنصليات خلال أيام الأعـياد الـوطنية أو عطل نهـاية الأسبــوع..

وثــالـثا من حيث طــرق عمل اللجان.. فـحسـب الـتعليمات التي أُعطيت للـجان الـتفتيش، فــإن مهمتهـا قـد اقـتصرت على الاطـلاع على حـالـة الـبنايات والاستماع إلى الموظفيـن الحاضرين وتحريـر محاضر بـذلك فقـط.. وقــد تــم تغيـيب الـمتضرر الأول والـذي  كـان  موضوع خطاب صاحب الـجلالـة وهـم أفـراد الجـالية المغربية وتــم الاهتمام بأخـذ ارتسـامات ومـلاحظات الـموظفين رغـم كـون مصالح الـموظفين تكون  متنـاقضة عمـوما مع مصالح أفــراد الجالية...

الـقارئ لهـذه الـتوضيحات حـول لجـان الـتفتيش يخـرج بانطـباع  يـلـفـه الـشك والـريـبة وأن تقـارير هـذه اللجـان شـابتهـا عيــوب جوهــرية.. طبـعـا في انتظــار نـفي صحتهـا من طــرف مـديـرية الــقنصليات..!!

الـسـؤال الآن، هـل يُـمكـن للـسادة الـقناصلة الطعـن في هذه الـتقارير؟ وهـل تسمح لهـم الـقوانـين الــداخلية بهـذا؟ وهـل تجب مـواجهـة الـقناصلـة بتقـاريــر ضدهــم..؟

الـخطاب الملكي كان واضحا ولا يجب تحميلـه أكثـر من وجـه.. المطلوب الآن من وزارة الخارجية هــو ابتـكـار وصفـة بـاحتـرام ثـُـلاثـي الأبــعاد، أي أولا  تحديـد  احتياجـات الإدارة المركزية، وثـانـيا تـأهـيل الـقنصليات ســواء من حيث تـأهيـل العنصر الـبشري أو ملائمة البنــايـات،  وأخيــرا ضمـان جودة الـخـدمــات للمهــاجـر مع جُـرعـة أخــلاق ومسؤوليــة.

الأبعـد من هـذا، أنــه ستُـعـرف قــريـبا لائحـة الـقناصلة المحضوضين وكـذا المغضوب عليهم أيضا، لكــن في إطـار الـشفافيـة والمسؤوليـة فـالجـالــية تُـحـبـذ أن تـطـلـع على "السيـرة الــذاتـية" لكـل الـقناصلة في إطــار تـعـاقـد جــديد وحتى يطمـئن قـلـبهـا باحتـرام مـرسـوم موظـفي وزارة الخارجية، وأن مضمـون الـخطاب الملكي قــد أُحـتُــرم  روحـه قـبل منطـوقــه...