الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

العلامة محمد علي الحسيني: تخبطات وتناقضات الولي الفقيه

العلامة محمد علي الحسيني: تخبطات وتناقضات الولي الفقيه

لاغرو من أن شريحة كبيرة من الکتاب والمثقفين والأوساط الإعلامية والسياسية حاولت بشکل أو بآخر الإيحاء من أن الاتفاق النووي الذي أبرم في 14 يوليوز بين إيران والقوى الكبرى ضمن مجموعة 5+1، کان بمثابة انتصار سياسي لنظام ولاية الفقيه، وأنه سوف يحقق الکثير من المکاسب السياسية والاقتصادية وغيرها من وراء ذلك، لکن وعند النظر بدقة وروية إلى الأمور على أرض الواقع والتمعن فيها لا يبدو الأمر کذلك أبدا.

الاتفاق النووي المعلن في 14 يوليو الماضي، هو في الحقيقة بمثابة إعلان صريح للإفلاس الفکري والسياسي للنظام القائم في إيران، وبداية منعطف جديد لم يعد فيه بوسع هذا النظام ممارسة عمليات الخداع والتمويه على أبناء شعوب المنطقة من خلال الشعارات البراقة الطنانة في الظاهر والکاذبة والجوفاء من الداخل.. وإنه ومثلما أسقط الاتفاق النووي ورقة التوت عن الخطوط الحمر المزعومة التي أعلنها خامنئي قبل إعلان الاتفاق، فإنه قد کشف حقيقة أن شعارات الموت لأمريکا وإسرائيل ومحاربة الاستکبار ونصرة المستضعفين ليست إلا "خشب مسندة"، أو بتعبير أدق فإنها شعارات منافقة تهدف للرياء والخداع.

الولي الفقيه، الذي وبحکم سلطاته الواسعة وبحکم المجريات ووقائع الاحداث، هو من قاد ووجه الوفد الإيراني للتوقيع على الاتفاق النووي، يعود ليعلن من جديد عداء نظامه للولايات المتحدة الأمريکية (بعد أن ضمن موافقة الکونغرس الأمريکي على الاتفاق)، حيث أکد مٶخرا: "أميركا هي الشيطان الأكبر ولكن البعض يحاول إظهاره كالملاك، إن الشعب الإيراني طرد هذا الشيطان ولا ينبغي أن نسمح بعد طرده من الباب أن يعود من النافذة ويتغلغل من جديد، فأي عقل وضمير يسمح بأن يتم تجميل جرائم أميركا وإظهارها كصديقة وكموثوقة؟"، وهو بذلك يتملص کأي مرائي من تصريحات سابقة له أشعل خلالها الضوء الأخضر لروحاني والوفد المفاوض عندما وصف خطواته لبدء التفاوض مع واشنطن بـ "المرنة والشجاعة"، وکأنه يتصور ويعتقد بأن العالم يتناسى کلامه ومواقفه المشبوهة التي قادت للتوقيع على الاتفاق "العار".

موقف خامنئي هذا، يأتي بمثابة محاولة خاصة من أجل إنقاذ ماء وجهه ووجه نظامه الدجال الذي طالما أوغل في عمليات الخداع والکذب والتمويه على شعوب المنطقة وتصيد على الدوام في المياه العکرة، وهو، وبعد أن مد يده لدولة کان يصفها إلى الأمس القريب بالشيطان الأکبر ويدعو بالموت والويل والثبور لها، وبعد أن أوعز بمسح کافة الشعارات المعادية لها من الأماکن العامة في طهران، فإنه يعود اليوم ومن أجل خداع شعوب المنطقة والمحافظة على هيبته المحطمة تماما بعد الاتفاق ليطلق من جديد هذا الشعار "الکذاب"، کسائر الشعارات الأخرى، وإن هذا الشيء الوحيد الذي كان هذا النظام صادقا فيه هو معاداته ومحاربته لدول المنطقة وعلى رأسها المملکة العربية السعودية التي تقف بالمرصاد لمخططات وأحابيل هذا النظام الأفاق المراوغ الدجال.

الولي الفقيه وهو يعمه ضلالا في تخبطاته وتناقضاته هذه، عليه أن يعلم أن أمر نظامه قد انکشف وافتضح تماما أمام شعوب المنطقة والعالم، فإنه يبذل ما بوسعه من جديد من أجل الترويج لبضاعته الکاسدة هذه.. لکن هيهات وهيهات أن يلدغ المٶمن من جحر مرتين، وإن شعوب المنطقة عموما وشيعة العرب بوجه خاص قد أدرکوا تماما حقيقة وماهية المعدن الرديء لهذا النظام والذي لن ينخدع به أحد من الآن فصاعدا سوى الذين يلهثون خلفه لأسباب مشبوهة.