الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

من بويا عمر إلى بويا وزان!

من بويا عمر إلى بويا وزان!

هل اختارت جهة ما، مدينة وزان بديلا عن/ بويا عمر، الذي روج وزير الصحة بأن عملية كرامة التي أطلقها حوله في الشهور الأخيرة، تشكل مدخلا لحل معضلة إنسانية وصحية ونفسية عانى منها لعقود المئات من المواطنين والمواطنات احتجزوا هناك، ذنبهم الوحيد أنهم لهذا السبب أو ذاك اختل توازن عقولهم،  فأغرقت بهم هذه الجهة دار الضمانة، التي لا نعتقد بأنها ستضمد جراحها واختلالاتها بعد الاستحقاق الانتخابي الأخير، فبالأحرى أن يثقل كاهلها باختلال جديد كلفته، إذا قيست بميزان المواطنة، ستكون باهظة الثمن.

هل صيانة الكرامة تبدأ أم تنتهي عند عتبة فك احتجاز أشخاص حيث انتهكت حقوقهم لعقود تحت ذرائع تنبذها الديانات السماوية، والشرعة الوطنية والدولية؟ أم تلزم الحكومة دستوريا باستنفار كل إمكانياتها من أجل توفير العلاج لهم، واستقبالهم في مستشفيات عمومية ذات بنية تحتية تعبد الطريق نحو ولوجهم نادي الكرامة الإنسانية، بدل التطويح بهم في الشوارع العمومية بشكل مخجل ولا إنساني؟

وزان واحدة من المدن المغربية التي نالت حصتها من -قسمة- مواطنين ومواطنات يعانون من أمراض عقلية، حدتها جد متقدمة على درجات سلم الخطورة! فقد استفاق أهل دار الضمانة، وهم يعيشون في قلب معمعة الانتخابات الجماعية التي كان فيها الحراك بين الفرقاء عديم الذوق السياسي، على الفضاء العام لحاضرتهم يؤثثه في زمن قياسي ومفاجئ العشرات من الأشخاص مختلين عقليا، تائهين في سراديب هذا الفضاء، سحنة الكثير منهم تفيد بما لا يدع مجالا للشك بأن لا علاقة تربطهم بالمدينة وبمحيطها.

لذلك تحدث أكثر من مصدر لـ "أنفاس بريس" بأن عملية إغراق المدينة بهذه الفئة من المواطنين والمواطنات المحرومين من حقهم في المواطنة الكاملة، لم تكن لا بريئة ولا وليدة الصدفة، بل تصر هذه المصادر على  أن الأمر قد يتعلق بشحنهم من مدن أخرى، وإفراغهم في جنح الليل على مشارف وزان !

وفي انتظار فتح تحقيق في الموضوع، ينتهي بالمتابعة القانونية في حق من كان وراء هذا الفعل الشنيع المجرد من وازع الإنسانية والمواطنة، وهو المطلب الذي يجب أن تلتف حوله الإطارات الحقوقية، لإن الدستور باعتباره أسمى قانون وطني يلزم كل الجهات الرسمية المعنية بأن تتدخل من أجل توفير العلاج لهذه الفئة من الأشخاص، الذين يمشي البعض منهم -من دون وعيه- بشوارع المدينة كما ولدته أمه، روائحهم نتنة، متلفظين بكل ما جاد به القاموس من كلام ملوث ومفسد للذوق العام، والبعض الآخر يعتدي بشكل خطير على النساء والأطفال وزبناء المقاهي، وممتلكات أصحابها (سيارات، واجهات المتاجر...).