لماذا قامت الخارجية البريطانية بتحيين نصائح سفر رعايا بريطانيا إلى المغرب على موقعها الرسمي بداية الأسبوع الجاري ونصحت رعاياها بتوخي الحيطة والحذر خلال زيارة المغرب رافعة بذلك مستوى الخطر الإرهابي بالمغرب إلى مستوى عالhigh ؟
فمن المعلوم أن نصائح السفر تعتبر مرآة الديبلوماسية البريطانية لباقي دول العالم. وتأسيسا على هذا المعطى يطرح السؤال: ما هو سبب إصدار بريطانيا لهذا المؤشر الأمني بشأن المغرب، خاصة وأن نصائح السفر تؤخذ على محمل الجد، ليس من طرف السياح البريطانيين أو المواطن البريطاني فحسب، بل ومن طرف المستثمرين ورجال الأعمال والساسة بشكل عام. هل هذا التغيير في نوعية المؤشر الأمني بالمغرب مرتبط بمعلومات استخباراتية وعسكرية بريطانية وغيرها أم هو مؤشر لتغيير وتململ في نظرة الحكومة البريطانية الجديدة لكاميرون (حكومة كاميرون الثانية)؟ أم هو مجرد تحيين عاد قابل للتبدل إيجابا وسلبا حسب المتغيرات؟
التصريحات الرسمية للبريطانيين تربط ذلك التحيين بكونه تحيينا عاديا ودوريا، بدليل أن بريطانيا نفسها صنفت في مستوى مماثل للمغرب من حيث توقع الخطر الإرهابي (انظر هافينتون بوست). وبالتالي فرفع درجة الحذر بالنسبة للمغرب يتماشى مع تزايد أعداد المقاتلين المغاربة في سوريا والعراق، الأمر الذي يشكل خطرا على أمن المغرب وعلى جيرانه في حالة عودة هؤلاء إلى بلدهم. ولم تنكر الخارجية البريطانية أن هذا التحيين مرتبط بالحادث الإرهابي الأخير الذي ضرب سوسة بتونس مؤخرا وأودى بحياة أزيد من 30 بريطانيا.
لكن الأكيد أن هذا التحيين لن يؤدي إلا إلى الإضرار بسمعة المغرب، خاصة على المستوى السياحي، علما أن المغرب راهن على استقراره لجلب السياح من السوق التونسي والمصري بسبب توتر الأوضاع بهاتين الدولتين.
السؤال الذي يطرح اليوم يتمثل في أن التحيين يربطه آخرون بفترة تتميز بغياب السفير البريطاني. إذ انتهت مهام السفير كلايف ألديرتون، وهو السفير الذي تميزت فترته بتشدده في رفض المساس بأي تمييز للمغرب. ذلك أن عهد السفير ألديرتون عرف عدة محاولات للخارجية البريطانية بتغيير تصنيف المغرب من "خطر عادي" إلى "خطر عال"high وكانت كل محاولة تصطدم برفضه.
من هنا وجاهة السؤال: هل انتهز المتربصون بالمغرب في الإدارة البريطانية فرصة غياب سفير بريطاني بالمغرب لإخراج هذا التحيين الأمني الآن قبل أن تشرع السفيرة الجديدة "كارين بيت" في مهامها بالمغرب؟
هذا القول غير مسنود لأن السفيرة الجديدة، وإن لم تتسلم مهامها بشكل رسمي فإنها مسؤولة على المغرب ويصعب اتخاذ قرار من هذا الحجم دون موافقتها أو على الأقل علمها به، وبالتالي أرادت أن ترفع الحرج عنها بدعوى أنها لم تحل بالرباط لمعرفة كل التفاصيل؟
قول آخر ذهب إلى استنتاج أن مثل هذا القرار لا يخدم سوى مصالح الديبلوماسيين البريطانيين سواء العاملين بالمغرب أو أولئك العاملين بوزارة الخارجية البريطانية المكلفون بملف المغرب بالنظر إلى أن إدراج المغرب في خانة الدول الخطيرة يساعد على رفع المنحة والعلاوات لهم بحكم أنهم يشتغلون في منطقة خطيرة أمنيا وملتهبة.
رأي ثالث يقول إن الخارجية البريطانية لم تعمل إلا على الاستئناس بخطاب الملك محمد السادس الأخير الذي تحدث بنفسه عن استهداف المغرب وبأنه مهدد بالإرهاب، فضلا عن الاستشهاد بعدد الخلايا الإرهابية المفككة بالمغرب من طرف الديستي.
هذا القول مردود عليه بالقول إن المغرب دائما يفكك الخلايا الإرهابية منذ عام 2003، فضلا عن كون المحيط الإقليمي شهد أحداثا أليمة كبرى ولم يتم تصنيف المغرب خلالها ضمن خانة الدول ذات المخاطر الإرهابية الكبرى (مثلا: أحداث عين أميناس- سوسة- احتجاز الرهائن بمالي....(.