الثلاثاء 18 مارس 2025
سياسة

قادة أحزاب يسطرون "التلواز" و"ضريب الطر" في برنامج حملاتهم الانتخابية

قادة أحزاب يسطرون "التلواز" و"ضريب الطر" في برنامج حملاتهم الانتخابية

نذكر جميعا بأنه عندما تم القبض على الشخص الذي كلفه تهوره محاولة اغتيال الروائي المصري نجيب محفوظ، سألوه فيما قرأ روايات الكاتب المستهدف، وشكلت إحداها محركا وحافزا على ذاك الفعل الإجرامي، أو أية رواية لم تعجبه من أعمال الكاتب، على الأقل، حتى تكون سببا في محاولة القتل هذه، أجاب بأنه لم يسبق له أن اطلع على عمل لصاحب جائزة نوبل. إنه جهل بالذات والجهل بالآخر، في إشارة إلى أن عملية "القتل" لا تعني دائما المفهوم التقليدي المعبر عن إزهاق الروح العمدي، وإنما تفيد كذلك مرادفات قد تكون أشد وقعا من هذا الهلاك الجسدي.

إن أمثال هؤلاء، وإن اختلفت المواقع، هم الذين يغتالون أيضا أي شفافية رأت النور في مهدها، ولا يطيقون التعايش السلمي مع أي نداء للديمقراطية، مهما تعالت النداءات، لأنهم وبكل بساطة يدعون الحضارة وفي لحظة حماس زائد يشاهدون وهم يأكلون البيضة بقشرتها.

في بلدنا، ونحن نعيش الأنفاس الأخيرة من عمر الحملة الانتخابية، يراكم كل منا صورا ومشاهد لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمحى من الذاكرة عن هذه الفترة السابقة ليوم الاستحقاق، لا لشيء سوى لأنها ارتبطت بزعماء سياسيين حاولوا جاهدين الانسلاخ عما تظاهروا به طيلة السنة، بل لسنوات من "تمعقيل وثمارة" في سبيل الطلوع على أبناء الشعب، فجأة، بأشكال غاية في السذاجة والإبتذال. وكأنهم يقرون على غير هواهم بحقيقة شخصياتهم وما يمثلونه من تلوينات توجهية، ولسانهم حالهم يقول: "هادو هوما احنا وإن كان الغرض يعود أصلا للرغبة في التمثيل عليكم".

هي إذن بالفعل المعادلة  الصعبة التي يستعصي فك شفرتها لولا محاسن الصدف، ويرجع كل الفضل للانتخابات على ما ساهمت به في كشف تفاصيلها أمام المواطن المغلوب على أمره "بلا جاوي". ولعل من أبرز ما يتماشى مع منوال هذا السياق تلك الصور التي لا تخفى الآن على كل زائر من زوار الفضاء الأزرق، وأبطالها قادة أحزاب العدالة والتنمية، التقدم والإشتراكية، والتجمع الوطني للأحرار، وهم يضعون كل يخص الشأن الانتخابي الحقيقي جانبا، وأيضا ما ينتظره المغاربة منهم لإطلاق العنان لذواتهم حتى تتمايل على نغمات كان الاعتقاد بأنها من هواة المسحوقين فقط، ولا مكان لها في انشغالات ساساتهم أدام الله "تلويزهم"، وأعاد شطحاتهم عند أي اقتراع بكل خير.

والواقع، أن الإيحاء يكون أحيانا أكثر نفاذا من "شرح ملح"، والنبيه من يلتقط الرسالة على الوجه الأكمل. ولحسن الحظ أو ربما لسوئه انتهى المصوتون على دستور 2011 إلى أن لديهم جوقة وإن اختلفت حد التراشق بأحط الأوصاف فيما بين أفراد عناصرها، فإنها تجد نفسها متآلفة وبسمفونية منسجمة وجاهزة للعرض المسرحي كلما تطلبت برامجها ذلك على 40 مليون متفرج. في تجسيد مبهر لمثل "أنا ومناضلي على حزب غيري، وأنا وحزب غيري على المغاربة". فهنيئا لنا بهذا التحامل الطربي المفعوم بحس "ضريب الطر"، وهنيئا لشعب لا يقل استسلاما أمام فتنة "تسونامي" رياضة الأرداف وإن بإيقاع مختلف يهز الأعضاء ترنحا وهي تشكو حالها: "أليس الطير يرقص من شدة الألم".