الثلاثاء 18 مارس 2025
سياسة

لما تطلع الأحزاب بشاهد من أهلها: "حلوف كرموص"

لما تطلع الأحزاب بشاهد من أهلها: "حلوف كرموص"

حقيقة يحار العقل في تفسير بعض مشاهد حملتنا الإنتخابية، وخاصة تلك التي تحمل لنا صور زعماء أحزاب يتظاهرون بتناول وجبات بأسواق أسبوعية أو ساحات شعبية بعيدا عن أي بروتوكول. لهذا، بفرض التساؤل نفسه: ماذا يريد هؤلاء إيصاله من رسائل؟ هل كونهم كباقي عامة الشعب، يأكلون مما يأكل المسحوقين منه؟ أم أنهم يريدون تبليغ قربهم ممن ظلوا لخمس سنوات مهملين تحت أبراجهم؟.إنها فعلا قمة الاستبلاد والضحك على الذقون. فمتى كان أكل الكرموص بالأزقة، أو شرب اللبن بالشارع أو حتى ركوب تريبورتور، كما فعلت ياسمينة بادو، حجية على أنك "ولد الشعب" ويسكنك همه. المغاربة لم يعودوا في حاجة إلى من يخدعهم بزيف المظاهر. ليس معنى هذا أنهم كانوا يوما في حاجة إليه، وإنما لكونهم طعنوا فعلا من الخلف مرارا لما توهموا، في زمن سابق، صدق تلك المشاهد قبل أن يصدموا باختفاء أصحابها فور بلوغ أهدافهم خلف مكاتبهم المكيفة. ليعاودوا الكرة "بلا حشمة بلا حيا" في المناسبة الموالية. لهذا، أتى الدور الآن على المواطن ليقول بملء فمه "كفى.. فنحن من نتحمل اللحظة المسؤولية لو لذغنا من الجحر ثانية". وبما أن الشيء بالشيء يذكر، يبقى من الأكيد أن الكثير من رجال ونساء هذا البلد مر على آذانهم يوما مثل "حلوف كرموص"، إنما القليل ممن يدري سبب نزوله، ومنهم بطبيعة الحال أولئك الراكبين على براءة هذه الفاكهة الشعبية "دوفيس". وللعلم، فإن أصل هذا المثل يقول الأستاذ الحسين بن علي بن عبد الله في كتابه "قصص وأمثال من المغرب": "حكوا أن رجلا من أهل الجبل اصطاد خنزيرا بريا، وعرض على صاحب له أن يحملاه إلى حيث يسلخانه ويشويانه ويأكلانه. فقال صاحبه: إن الخنزير محرم جملة، فكيف نستجيز أكل لحمه أو نستحله؟ قال: هو كذلك. وانصرف بالوحش. ثم ما لبث يسيرا إذ عاد ومعه سلة تين، وقال: هلم إلي نأكل ما اشتريته ببعض ثمن الصيد، فقال صاحبه عندها هذه المقولة: "حلوف كرموص". وعليه، إن كان من مغزى يشهد به من يحاولون الإيقاع بعفوية المواطن على أنفسهم، هو لسان حالهم الذين يقول: "سواء تعجرفنا عليكم يا كادحين لسنين، أو مثلنا عليكم لأسابيع عبر الاحتكاك بكم، فاللي فراسنا فراسنا.. ومصالحنا على حسابكم منتهى برامجنا".